للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القردة والخنازير لم نسبق ولا فاتنا ذلك. قرأ ابن كثير «(نحن قدرنا)» مخفّفا وهما لغتان (١).

قوله تعالى: {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى فَلَوْلا تَذَكَّرُونَ} (٦٢)؛أي قد علمتم الخلقة الأولى ولم تكونوا شيئا، فخلقناكم من نطفة وعلقة ومضغة، وهلاّ تذكّرون أنّي قادر على إعادتكم كما قدرت على أعدائكم.

قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ (٦٣) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزّارِعُونَ} (٦٤) معناه: أخبروني ما تلقون من البذر في الأرض؛ أأنتم تنبتونه وتجعلونه زرعا أم نحن فاعلون ذلك؟.

قوله تعالى: {لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ حُطاماً؛} أي يابسا متنكّسا بعد خضرته لا حبّ فيه فأبطلناه، {فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ} (٦٥)؛أي فصرتم تعجبون مما نزل بكم في زرعكم، ونادمون على ما أنفقتم فيه وتحمّلتم فيه من المشقّة،

وتقولون: {إِنّا لَمُغْرَمُونَ} (٦٦)؛أي طقنا (٢) غرم عظيم فهذا الزرع، وغرم الحبّ الذي بذرناه فذهب علينا بغير عوض،

{بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ} (٦٧)؛أي ممنوعون من الرّزق منه.

وأصل ظلتم: ظللتم فحذف اللام الأولى. والتّفكّه من الأضداد، يقال: تفكّه؛ أي تنعّم، وتفكّه؛ تحزّن.

قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ الْماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (٦٨) أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ} أي من السّحاب، {أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ} (٦٩)؛عليكم منه،

{لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً؛} أي مرّا شديدا، مرارا محرقا للحلق والكبد، لا يمكن شربه والانتفاع به،


(١) في الجامع لأحكام القرآن: ج ١٧ ص ٢١٦؛ قال القرطبي: (وقرأ مجاهد وحميد وابن محيصن وابن كثير) وذكره.
(٢) الطاقة: الوسع والإمكان، بمعنى أنهم قوم غلبهم اليأس وضعف الجدّ؛ فهم قوم غير مجدودين، ليس لهم جد. يكثرون القول: إنا معذبون، محرومون. فلا يمكننا تحمل هلاك الزّرع أو قلّة اثماره، فكيف من سبيل إلى الحبّ. غلبهم العجز والتواكل. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>