{فَلَوْلا تَشْكُرُونَ}(٧٠)،فهلاّ تنكرون عذوبته. وقيل: الأجاج: شديد الملوحة مع المرارة.
قوله تعالى:{أَفَرَأَيْتُمُ النّارَ الَّتِي تُورُونَ}(٧١)؛يعني التي تظهرونها بالزّناد من الأعواد، ومعنى: تورون: تقدحون وتستخرجون من زنادكم، يقال: أوريت النار إذا قدحتها.
قوله تعالى:{أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ}(٧٢) أي أأنتم أنبتّم شجرة النار أم نحن المنبتون لها في الأرض، وجعلناها خضراء وفيها النار.
قوله تعالى:{نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً وَمَتاعاً لِلْمُقْوِينَ}(٧٣)؛أي نحن جعلنا النار عظة ليتّعظ بها المؤمن. وقيل: جعلناها تذكرة للنار الكبرى؛ إذا رآها الرّائي ذكر جهنّم، فذكر الله تعالى فاستجار به منها، وترك المعصية.
وقوله تعالى {(وَمَتاعاً لِلْمُقْوِينَ)} أي وجعلناها منفعة للمسافرين الذين ينزلون في الأرض القيّ في المفاوز، يقال: أقوى الرجل إذا نزل بالأرض القوى وهي الخالية القفراء، ويقال: أرض قيء أي القفرى، قال الراجز:
قيّ يناصيها بلاد قيّ
والقيّ والقوى هي الأرض القفرى الخالية البعيدة من العمران، يقال: أقوت الأرض من سكّانها، قال النابغة:
يا دار ميّة بالعلياء فالسّند ... أقوت وطال عليها سالف الأمد
ومنفعة المسافرين بالنار أكثر من منفعة المقيمين؛ لأنّهم يوقدونها ليلا لتهرب منها السّباع، ويهتديها الضالّ من الطريق، ويستضيئوا بها في ظلمة، ويصطلوا بها من البرد ويطبخون بها ويخبزوا، وضرر فقدها عليهم أشدّ. وقد يقال للذي فقد زاده:
المقوي من أقرت الدار إذا خلت، ويقال للمقوين: مقو لخلوّه من المال والغنى، مقو لقوّته على ما يريد، فعلى هذا المقوي من الأضداد، والمعنى: متاعا للغنيّ والفقير، وذلك أنه لا غنى لأحد عنها.
ولمّا ذكر الله سبحانه ما يدلّ على توحيده وما أنعم به، فقال تعالى:{فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ}(٧٤)؛أي برّئ الله مما يقول الظّالمون في وصفه ونزّهه عمّا