للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مطرنا] (١).

وروي: أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم خرج في سفر، فنزلوا فأصابهم العطش، وليس معهم ماء، فذكروا ذلك للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: [أرأيتم إن دعوت لكم إن سقيتم، فلعلّكم تقولون:

سقينا هذا المطر بنوء كذا؟] فقالوا: يا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما هذا بحين الأنواء! فصلّى ركعتين ودعا ربّه عزّ وجلّ، فهاجت ريح ثمّ هاجت سحابة، فمطروا حتّى سالت الأودية وملئوا الأسقية.

فركب صلّى الله عليه وسلّم فمرّ برجل يغرف بقدح له وهو يقول: سقينا بنوء كذا، ولم يقل:

هذا من رزق الله تعالى. فأنزل الله تعالى هذه الآية: {(وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ)} (٢) أي وتجعلون شكركم لله على رزقه إيّاكم أنّكم تكذّبون بنعمته، وتقولون:

سقينا بنوء كذا.

وعن معاوية الليثي: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: [يصبح النّاس مجدبين، فيأتيهم الله برزق من عنده، فيصبحون مشركين، يقولون: مطرنا بنوء كذا وكذا] (٣).

قوله تعالى: {فَلَوْلا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ} (٨٣)؛معناه: وهلاّ إذا بلغت النّفس الحلقوم عند الموت،

{وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ،} يا أهل الميّت، {تَنْظُرُونَ} (٨٤)،مآل الميت، وأنتم حوله ترون نفسه تخرج ولا تقدرون على ردّها،

{وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ،} منكم، ورسلنا أقرب إليه، {مِنْكُمْ وَلكِنْ لا تُبْصِرُونَ} (٨٥).

ويجوز أن يكون معناه: يعني ملك الموت وأعوانه، والمعنى: ورسلنا القابضون روحه أقرب إليه منكم، ويجوز أن يكون معناه: ونحن أقرب إليه منكم بالعلم والقدرة، نراه من غير مسافة بيننا وبينه، وأنتم لا تنظرونه إلاّ بمسافة.


(١) أخرجه الإمام أحمد في المسند: ج ٣ ص ٧.وابن حبان في الصحيح: كتاب النجوم والأنواء: الحديث (٦١٣٠)،وإسناده صحيح.
(٢) في الدر المنثور: ج ٨ ص ٢٨ - ٢٩؛ قال: (أخرجه ابن مردويه عن ابن عباس).
(٣) في الدر المنثور: ج ٨ ص ٣١؛ قال السيوطي: (أخرجه أحمد عن معاوية الليثي) وذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>