قوله تعالى: {فَلَوْلا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ (٨٦) تَرْجِعُونَها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ} (٨٧)؛أي فهلاّ إن كنتم غير مجزيين ومحاسبين كما تزعمون تردّون نفس هذا الميّت إلى جسده إذا بلغت تراقيه إن كنتم صادقين في ظنّكم أنّ لكم شيئا من القدرة، فعجزكم عن ردّ هذه الروح إلى الجسد دليل على أنّكم مقهورون عاجزون.
والمعنى: إن كان الأمر كما يقولون إنّه لا بعث ولا حساب ولا جزاء ولا إله يحاسب ويجازي، فهلاّ تردّون نفس من يعزّ عليكم إذا بلغت الحلقوم، وإذا لم تقدروا على ذلك فاعلموا أنّ الأمر إلى غيركم وهو الله عزّ وجلّ. قوله تعالى: {(تَرْجِعُونَها)} جواب عن قوله {(فَلَوْلا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ)} أجيب بجواب واحد.
قوله تعالى: {فَأَمّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (٨٨) فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ} (٨٩)؛معناه: فأما إن كان هذا المحتضر الذي بلغت نفسه الحلقوم من السّابقين المقرّبين عند الله، فله روح وهو الرّوح والاستراحة، وقال مجاهد:(الرّوح:
الفرح، وريحان يعني الرّزق في الجنّة).قرأ الحسن وقتادة ويعقوب: «(فروح)» بضمّ الراء، معناه: الحياة الدائمة التي لا موت فيها.
ويقال: إن الرّوح بنصب الراء نسيم تستريح إليه النفس، والرّيحان هو السّموم (١)،قال أبو العالية:(يؤتى بعض من ريحان الجنّة فيشمّه قبل أن يفارق الدّنيا ثمّ تقبض روحه).وقال أبو بكر الوراق:(الرّوح النّجاة من النّار، والرّيحان دخول القرار).
وقال الترمذيّ:(الرّوح الرّاحة في القبر، والرّيحان دخول الجنّة).وقال بسطام:(الرّوح السّلامة، والرّيحان الكرامة).وقال الشعبيّ:(الرّوح معانقة الأبكار، والرّيحان مرافقة الأبرار).