للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفّارَ نَباتُهُ؛} أي مثل الدّنيا كمثل مطر أعجب الزّرّاع نباته، والكفر في اللغة هو التّغطية، وسمّي الكافر كافرا؛ لأنه يغطّي الحقّ بالباطل، والزّارع يغطّي الحبّ بالأرض.

والمعنى: كمثل غيث أعجب الزّرّاع ما نبت من ذلك الغيث، {ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا؛} أي ثم يبين فيصير مصفرّا بعد خضرته وريّه، {ثُمَّ يَكُونُ حُطاماً؛} أي متكسّرا مفتّتا تحت أرجل الدواب، كذلك الدّنيا تزول وتفنى، كما لا يبقى هذا الزرع.

قوله تعالى: {وَفِي الْآخِرَةِ عَذابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرِضْوانٌ؛} أي عذاب شديد للكفّار والمنافقين، ومغفرة من الله ورضوان للمؤمنين المطيعين، وقوله تعالى: {وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاّ مَتاعُ الْغُرُورِ} (٢٠)؛هي في سرعة فنائها ونفادها مثل متاع البيت في سرعة فنائه وفراغه وسقوطه وانكساره.

وعن عليّ رضي الله عنه أنّه كان يقول في صفة الدنيا: (أمّا ماضي فحكم، وأمّا ما يغني فأمانيّ وغرور).وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: [الرّغبة في الدّنيا تكثر الهمّ والحزن، والزّهد في الدّنيا يريح القلب والبدن] (١).

قوله تعالى: {سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ؛} أي سابقوا إلى ما أمرتم وإلى التّوبة لتنالوا مغفرة من ربكم جنّة سعتها كسعة السّماء والأرض. وقيل: المراد بالآية السّبق إلى الجهاد والجمعة والجماعات وسائر أعمال البرّ، وباقي الآية ظاهر. {أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} (٢١).

قوله تعالى: {ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاّ فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها؛} معناه: ما أصاب أحدا مصيبة في الأرض من


(١) في مجمع الزوائد: ج ١٠ ص ٢٨٦؛قال الهيثمي: (رواه الطبراني في الأوسط، وفيه أشعث بن نزار ولم أعرفه، وبقية رجاله وثقوا على ضعف في بعضهم).وأخرجه الطبراني في المعجم الأوسط: الحديث (٦١١٦) عن أبي هريرة رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>