قحط المطر وقلّة النبات ونقص الثّمار، {(وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ)} من المرض والموت وفقد الأولاد، إلاّ وهو مكتوب في اللّوح المحفوظ من قبل أن نخلق الأرض. ويقال: من قبل أن نخلق النّفس، ويقال: من قبل أن نقدّر تلك المصيبات في اللّوح المحفوظ؛ لأن خلق ذلك وتقديره على الله هيّن. والبرء في اللغة هو الخلق، والبارئ: الخالق، والبريّة:
الخليقة. قوله:{إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ}(٢٢)؛يعني إثبات ذلك كله مع كثرته على الله هيّن.
قوله تعالى:{لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ؛} بالصبر عند المصائب، والشّكر عند النّعم، لأنّ العاقل إذا علم الذي فاته كان مكتوبا عليه، دعاه ذلك إلى ترك الجزع، وكانت نفسه أسكن وقلبه أطيب، وإذا علم أنّ الذي أتاه من الدنيا كان مكتوبا له قبل أن يصير إليه، وأنه لا يبقى عليه، دعاه ذلك إلى ترك النظر.
قرأ أبو عمرو «(أتاكم)» بالقصر؛ أي جاءكم، واختاره أبو عبيد لقوله «(فاتكم)» ولم يقل: أفاتكم، وقرأ الباقون «(آتاكم)» بالمدّ؛ أي أعطاكم، واختاره أبو حاتم، وكان الحسن يقول لصاحب المال:(في ماله مصيبتان لم يسمع الأوّلون والآخرون بمثلها: يسلب عن كلّه ويسأل عن كلّه).
قوله تعالى:{وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ}(٢٣)؛فيه ذمّ للفرح الذي يختال ويبطر بالمال والولد والولاية.
قوله تعالى:{الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النّاسَ بِالْبُخْلِ؛} يعني الذين يمتنعون عن أداء الحقوق الواجبة في المال، ويمنعون الناس عن أداء تلك الحقوق، وهذا نعت المختال الفخور.
قوله تعالى:{وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ}(٢٤)؛أي من يعرض عن الإيمان وعن أداء الحقوق، فإنّ الله هو الغنيّ عنه وعن إيمانه، وهو المحمود في أفعاله، قرأ نافع وابن عامر «(فإنّ الله الغنيّ)»،وقرأ الباقون «(هو الغنيّ)».