للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فذلك قوله تعالى: {(هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ)} (١) يعني بني النّضير من ديارهم التي كانت بيثرب وحصونهم. قال ابن اسحاق: (كان إجلاء بني النّضير عند مرجع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم من أحد، وكان فتح قريظة عند مرجعه من الأحزاب، وبينهما سنتان).

قوله (لأوّل الحشر) معناه: هو الذي أخرج هؤلاء اليهود من منازلهم وحصونهم لأوّل جمع أجلوا من جزيرة العرب وهي أرض الحجاز حشروا إلى الشام، وذلك أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال لهم يومئذ: [اخرجوا] قالوا إلى أين؟ قال: [إلى المحشر] فخرجوا إلى أذرعات وأريحا من الشّام (٢).

وأمّا ثاني الحشر فهو أن يحشر الخلائق يوم القيامة إلى أرض الشّام أيضا.

ويقال: إنما قال (لأوّل الحشر) لأنّ الحشر أربعة: حشر بني النّضير أوّلا، ثم حشر خيبر، ثم أهل نجران، ثم حشر جميع أهل الكتاب من جزيرة العرب في خلافة عمر رضي الله عنه على ما روي: أنّه أجلاهم منها، وقال: (عهد إليّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن لا يجتمع في جزيرة العرب دينان) (٣).

قوله تعالى: {ما ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا؛} أي ما ظننتم أيّها المؤمنون أن يخرج بنو النضير من منازلهم لشدّة تمكّنهم وقوّتهم بالأموال والمنعة، وذلك أنّهم كانوا أهل حصون وعقار ونخيل كثيرة وسلاح.

قوله: {وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللهِ؛} وظنّ بنو النضير أنّ حصونهم تمنعهم من الله؛ أي من أمر الله فيهم، {فَأَتاهُمُ اللهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا؛} أي فأتاهم أمر الله من حيث لم يظنّوا أن ينزل بهم ما نزل من قتل كعب ابن الأشرف وقتلهم وإجلائهم ونصر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من حيث لم يتوهّم القوم،


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٦١٩٥).
(٢) في مجمع الزوائد: ج ١٠ ص ٣٤٣؛قال الهيثمي: (رواه البزار وفيه أبو سعد البقال والغالب عليه الضعف).
(٣) السيرة النبوية لابن هشام: تسمية النفر الداريين: ج ٣ ص ٣٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>