للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ؛} معناه: كي لا يكون دولة بين الأغنياء، ولكن يكون للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم، يعني أنّ كفار مكّة أخرجوهم، {يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ؛} أي رزقا يأتيهم، {وَرِضْواناً وَيَنْصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ؛} رضى ربهم حين خرجوا إلى دار الهجرة ينصرون الله ورسوله، {أُولئِكَ هُمُ الصّادِقُونَ} (٨)؛في إيمانهم.

والمعنى بقوله {(لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ)} بيان المحتاجين المذكورين في الآية التي قبل هذه الآية، كأنّه قال: لهؤلاء الفقراء المحتاجين ما تقدّم ذكره من الفيء، وكانوا نحوا من مائة رجل، وكانوا شهدوا بدرا أجمعين، ولذلك أثنى الله عليهم بقوله {(يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً)} أي يطلبون بتلك الهجرة ثواب الله ورضوانه، وينصرون بالسّيف والجهاد أولياء الله وأولياء رسوله، {(أُولئِكَ هُمُ الصّادِقُونَ)} في الإيمان وطلب الثّواب.

وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ؛} قال الكلبيّ: {(وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدّارَ)} مبتدا، وخبره (يحبّون».وهذا ثناء على الأنصار، وذلك أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لمّا أعطى المهاجرين ما قسم لهم من فيء بني النّضير لم يأمن على غيرهم أن يحسدهم إذ لم يقسم لهم.

فقال للأنصار: [إن شئتم قسمتم لهم من دوركم وأموالكم، وقسمت لكم ما قسمت لهم، وإمّا أن يكون لهم القسم ولكم دياركم وأموالكم] فقالوا: لا؛ بل نقسم لهم من ديارنا وأموالنا ولا نشاركهم في قسمهم. فأثنى الله تعالى عليهم بهذه الآية (١).

والمعنى: لزموا دار الهجرة ولزموا الإيمان من قبل هجرة المهاجرين ووطنوا منازل أنفسهم، فهم يحبّون من هاجر إليهم من مكّة من أصحاب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، {وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً؛} ضيقا وحسدا، {مِمّا أُوتُوا؛} مما أعطي المهاجرين من الغنائم.


(١) في فتح الباري شرح صحيح البخاري: كتاب المغازي: شرح الحديث (٤٠٢٩):ج ٧ ص ٤٢٢؛ قال ابن حجر: (وروى الحاكم في الإكليل من حديث أم العلاء قال النبي صلّى الله عليه وسلّم للأنصار لمّا فتح النضير: [إن أحببتم ... ] وذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>