للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ} (١)]) (٢).

وقال أنس رضي الله عنه: (أهدي لبعض الصّحابة رأس شاة مشويّة وكان مجهودا، فقال: لعلّ جاري أحوج إليه منّي، فبعث به إليه، ثمّ إنّ جاره قال مثل ذلك، فوجّه به إلى جار له، فتداوله تسعة أنفس حتّى رجع إلى الأوّل، فأنزل الله تعالى {وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ}) (٣).

ويحكى عن أبي الحسن الأنطاكيّ: أنه اجتمع عنده نيّف وثلاثون رجلا بقرية من قرى الريّ ومعهم أرغفة قليلة لم تشبع جوعتهم، فكسّروا الرّغفان وأطفئوا السّراج وجلسوا ليأكلوا، فلمّا رفع فإذا الطعام بحاله لم يأكل منه أحد إيثارا لصاحبه على نفسه (٤).

ويحكى عن حذيفة العدويّ قال: (انطلقت يوم اليرموك أطلب ابن عمّ لي ومعي شيء من ماء، فإذا أنا به فقلت: أسقيك؟ فأشار: أي نعم، فإذا رجل يقول: آه، فأشار ابن عمّي أن انطلق به إليه، فإذا هو هشام بن العاص، فقلت: أسقيك؟ فسمع آخر يقول: آه، فأشار هشام: أن انطلق به إليه، فإذا هو قد مات، ثمّ رجعت إلى هشام فإذا هو قد مات، ثمّ رجعت إلى ابن عمّي فإذا هو قد مات) (٥).

ويحكى عن أبي يزيد البسطاميّ قال: (ما غلبني إلاّ شابّ من أهل بلخ قدم علينا حاجّا، فقال لي: يا أبا يزيد ما حدّ الزّهد عندكم؟ قلت: إذا وجدنا أكلنا، وإذا فقدنا صبرنا. قال: هكذا عندنا كلاب بلخ! فقلت: ما حدّ الزّهد عندكم؟ قال: إذا فقدنا صبرنا، وإذا وجدنا آثرنا).وسئل ذو النون عن الزّهد فقال: (ثلاث: تفريق المجموع، وترك المفقود، والإيثار عند القوت).


(١) الحشر ٩/.
(٢) أخرجه مسلم في الصحيح: كتاب الأشربة: باب اكرام الضيف: الحديث (٢٠٥٤/ ١٧٣).
(٣) في الدر المنثور: ج ٨ ص ١٠٧؛ قال السيوطي: (أخرجه الحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عمر) وذكره. وأخرجه الحاكم في المستدرك: كتاب التفسير: الحديث (٣٨٥٢)،وقال: حديث صحيح الإسناد.
(٤) ذكره القرطبي في الجامع لأحكام القرآن: ج ١٨ ص ٢٩.
(٥) نقله الثعلبي في الكشف والبيان: ج ٩ ص ٢٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>