للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقال: [ولا تزنين] قالت: وهل تزني الحرّة؟ فضحك عمر رضي الله عنه وقال: لا لعمري ما تزني الحرّة، فقال: [ولا تقتلن أولادكنّ] فقالت هند: زيّنّاهم صغارا وقتلتموهم كبارا، وكان ابنها حنظلة بن أبي سفيان قتل يوم بدر، فضحك عمر رضي الله عنه حتّى استلقى على ظهره، وتبسّم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم (١).

ومعنى الآية: {(وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ)} أي لا يدفنّ بناتهنّ أحياء كما كان العرب يفعلونه، فقال تعالى: {وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ؛} أي لا تلحق بزوجها ولدا ليس منه، وذلك أنّ المرأة كانت تلتقط لقيطا فتضعه بين يديها ورجليها وتقول لزوجها: ولدت هذا الولد، فذاك البهتان والافتراء. ويقال: أراد بين الأيدي أن يوضع بين يديها ولد غيرها وبين أيديهنّ أن يأتين بولد حرام، وهذا كناية عن الفرج، فلما قال عليه السّلام، قالت هند: والله إنّ البهتان لقبيح وما تأمرنا إلاّ بالرّشد ومكارم الأخلاق.

قوله تعالى: {وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ؛} أي وجميع ما تأمرهنّ وتنهاهنّ من النّوح وشقّ الجيوب وخمش الوجوه ورنّة الشيطان وغير ذلك من أصوات المعصية ومن صوت اللّعب واللهو والمزامير وغير ذلك. والمعروف: كلّ ما كان طاعة، والمنكر: كلّ ما كان معصية، فلما قال صلّى الله عليه وسلّم: [ولا يعصينك في معروف] قالت هند:

وما جلسنا مجلسنا هذا وفي أنفسنا أن نعصيك في شيء، فأقرّت النّسوة بما أخذ عليهنّ.

وقوله تعالى: {فَبايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (١٢)؛ معناه: إذا بايعنك على هذه الشّروط فبايعهن، فقال صلّى الله عليه وسلّم: [قد بايعتكنّ] كلاما كلّمهن به من غير أن مسّت يده يد امرأة، وكان على يد عمر رضي الله عنه ثوب يصافح به النساء.

قال القرظيّ: (ومعنى قوله تعالى: {(وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ)} قال: المعروف الّذي لا معصية فيه) (٢).وقال الربيع: (كلّ ما يوافق طاعة الله فهو معروف) (٣).قال


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: الحديث (٢٦٣٥٨).
(٢) ونقله عنه أيضا الثعلبي في الكشف والبيان: ج ٩ ص ٢٩٨.
(٣) نقله عنه أيضا الثعلبي في الكشف والبيان: ج ٩ ص ٢٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>