للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالكتب والرّسل وأعرضوا عن القبول منهم، {وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللهُ؛} عن إيمانهم وطاعتهم، {وَاللهُ غَنِيٌّ؛} عن أفعال العباد، {حَمِيدٌ} (٦)؛في إنعامه عليهم.

ومعنى قوله {(وَبالَ أَمْرِهِمْ)} أصل الوبال من الثّقل، يقال: أمر وبيل؛ أي ثقيل، يسمى جزاء المعصية وبالا لثقله.

قوله تعالى: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا؛} أي قال كفار مكّة قولا بالظنّ غير يقين أنّهم لا يبعثون بعد الموت، {قُلْ؛} لهم يا محمّد: {بَلى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ؛} بعد الموت، {ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِما عَمِلْتُمْ؛} في الدّنيا {وَذلِكَ؛} الجزاء والبعث، {عَلَى اللهِ يَسِيرٌ} (٧)؛أي سهل هيّن،

{فَآمِنُوا؛} يا أهل مكّة، {بِاللهِ وَرَسُولِهِ؛} محمّد صلّى الله عليه وسلّم، {وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا؛} يعني القرآن، {وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} (٨).

قوله تعالى: {يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ؛} يعني يوم القيامة يجمع فيه الأوّلون والآخرون، {ذلِكَ يَوْمُ التَّغابُنِ؛} يغبن فيه أهل الحقّ أهل الباطل، وأهل الإيمان أهل الكفر، فلا غبن أبين منه، هؤلاء يدخلون الجنة وهؤلاء يدخلون النار.

والغبن: فوت الحظّ والمراد.

وعن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: [ما من مؤمن يدخل الجنّة إلاّ وقد رأى مقعده من النّار لو أساء ليزداد شكرا. وما من عبد كافر يدخل النّار إلاّ وقد رأى مقعده من الجنّة لو أحسن ليزداد حسرة] (١).

فالمغبون من غبن أهله ومنازله من الجنّة، ويظهر يومئذ غبن كلّ كافر بترك الإيمان، وغبن كلّ كافر بتقصيره في الأحسن وتضييعه الأيام. {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَيَعْمَلْ صالِحاً يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٩) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النّارِ خالِدِينَ فِيها وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} (١٠).


(١) لم أقف عليه بهذا اللفظ، ولعله من حديث أنس رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم في العبد إذا وضع في قبره. أخرجه البخاري في الصحيح: كتاب الجنائز: الحديث (١٣٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>