للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَاللهُ غَفُورٌ؛} لما كان منك من التحريم، {رَحِيمٌ} (١)؛بك حيث رخّص لك الخروج منه بالكفّارة، فأعتق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم رقبة وعاد إلى ماريّة (١).

وروي: أنّ حفصة رضي الله عنها استأذنت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في زيارة أبيها في يومها، فأذن لها وهو جالس في بيتها، فمضت، فأرسل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم إلى جاريته ماريّة القبطيّة فأدخلها في حضنه، وكان ذلك في يوم حفصة، فلمّا رجعت حفصة وجدت باب بيتها مغلقا، فجلست على الباب حتّى خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ووجهه يقطر عرقا وحفصة تبكي، فقال لها: [ما يبكيك؟] قالت: إنّما أذنت لي بالزّيارة من أجل هذا؛ أدخلت أمتك بيتي ووقعت عليها في يومي وعلى فراشي؟ ما رأيت لي حرمة وحقّا، ما قطّ صنعت هذا بامرأة من نسائك؟ فقال صلّى الله عليه وسلّم: [هي جاريتي فلا أحلّها الله، اسكتي هي عليّ حرام، ألتمس بذلك رضاك، ولا تخبري بذلك امرأة منهنّ، وهذه أمانة عندك] (٢).

ثمّ خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقامت حفصة على الجدار الّذي كان بينها وبين عائشة، فقالت لها: ألا أبشّرك يا عائشة أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد حرّم جاريته ماريّة، وقد أراحنا الله منها. وكانت عائشة وحفصة متصافيتين متظاهرتين على سائر أزواج النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فنزل جبريل عليه السّلام فأخبره بذلك، فغضب على حفصة وقال: [ما حملك على ذلك]،ثمّ طلّقها تطليقة.

وذهب بعض المفسّرين أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان إذا دخل على زينب بنت جحش شرب عندها شراب عسل تصلحه له، وكان يطول مكثه عندها، فاجتمعت عائشة وحفصة على أن يقولا له: إنّا نجد معك رائحة المغافير-وهو صمغ متغيّر الرّائحة يقع على الطّرف يأكله النّحل-فلمّا صار إلى كلّ واحدة منهما قالت له: إنّي أشمّ معك رائحة المغافير، فحرّم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم على نفسه شرب العسل، فأنزل الله تعالى هذه


(١) ذكره أهل التفسير بروايات عديدة وألفاظ كثيرة، عزاها السيوطي في الدر المنثور: ج ٨ ص ٢١٤ - ٢١٦ إلى ابن جرير وابن المنذر وابن مردويه وعبد بن حميد.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: الحديث (٢٦٦٥٦) عن ابن زيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>