للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الآيات (١).والقول الأول أظهر، ولا يمتنع أنّ الأمرين قد كانا، وأنّ هذا نزل فيهما.

قوله تعالى: {قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ؛} أي وجبت لكم كفّارة أيمانكم، {وَاللهُ مَوْلاكُمْ؛} أي متول أموركم وهو أولى أن يؤثروا مرضاته، {وَهُوَ الْعَلِيمُ؛} بما فيه صلاح خلقه، {الْحَكِيمُ} (٢)؛في تدبير أمره.

وإنّما سميت الكفّارة تحلّة؛ لأنّها تجب عند انحلال اليمين، قال مقاتل: (معناه: قد بيّن الله لكم كفّارة أيمانكم في سورة المائدة، وأمر نبيّه صلّى الله عليه وسلّم أن يكفّر عن يمينه، ويراجع جاريته ماريّة) (٢).

قوله تعالى: {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً؛} يعني إسراره إلى حفصة، فلمّا أخبرت عائشة به أطلع الله نبيّه عليه السّلام على ذلك. قوله تعالى: {فَلَمّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ؛} وذلك أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان عند ما رأى الكآبة في وجهها والغيرة أسرّ إليها شيئين: تحريم الجارية، وقال:

[أخبرك يا حفصة أنّ أباك وأبا بكر سيملكان أمّتي بعدي] فلمّا أظهره الله عليه أخبر حفصة بما قالت لعائشة من تحريم الجارية، وأعرض عن ذكر خلافة أبي بكر وعمر (٣).

وقرأ الحسن البصري والكسائي وقتادة (عرف بعضه) بالتخفيف أي غضب على حفصة من ذلك وجاراها فطلّقها، من قول القائل لمن أساء إليه: لأعرفنّ لك ما فعلت؛ أي لأجازينّك عليه، فجازاها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بأن طلّقها، فلما علم عمر رضي الله عنه بذلك قال: لو كان في آل الخطّاب خير لما طلّقك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.


(١) في الدر المنثور: ج ٨ ص ٢١٣؛ قال السيوطي: (أخرجه ابن سعد وعبد بن حميد والبخاري وابن المنذر وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها) وذكره.
(٢) قاله مقاتل في التفسير: ج ٣ ص ٢٧٦.
(٣) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير: ج ١٢ ص ٩٢:الحديث (١٢٦٤٠).والدارقطني في السنن: ج ٤ ص ١٥٣ - ١٥٤:الوصايا: الحديث: (١٥).وفي مجمع الزوائد: كتاب الخلافة: باب الخلفاء الأربعة: ج ٥ ص ١٧٨؛قال الهيثمي: (رواه الطبراني وفيه إسماعيل بن عمرو البجلي وهو ضعيف وقد وثقه ابن حبان، والضحاك لم يسمع من ابن عباس، وبقية رجاله ثقات).

<<  <  ج: ص:  >  >>