للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ونزل جبريل إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يقول له: راجعها فإنّها صوّامة قوّامة، وهي إحدى نسائك في الجنّة، فراجعها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. قال مقاتل: (لم يطلّق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حفصة، وإنّما همّ به، فأتاه جبريل وقال له: لا تطلّقها فإنّها صوّامة قوّامة وهي من نسائك في الجنّة، فلم يطلّقها) (١)،وكان سفيان الثوريّ يقول: (ما استقصى كريم قطّ، وما زال التّغافل من فعل الكرام، عرّف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حفصة بعض ما فعلت، وأعرض عن بعض).

قوله تعالى: {فَلَمّا نَبَّأَها بِهِ؛} أي لمّا أخبر حفصة بما أظهره الله عليه، {قالَتْ؛} له: {مَنْ أَنْبَأَكَ هذا؛} أي من أخبرك أنّي أفشيت سرّك؟ {قالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ} (٣).

قوله تعالى: {إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ؛} معناه: إن تتوبا إلى الله من إظهار الغيرة وإيذاء النبيّ صلّى الله عليه وسلّم والتعاون عليه، {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما؛} أي مالت إلى الإثم وعدلت عن الحقّ، وهو أنّهما أحبّتا ما كره رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، {وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ} أي تعاونا عليه بالإيذاء وإظهار الغيرة عليه من الجارية، {فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاهُ؛} يتولّى حفظه ونصره ودفع الأذيّة عنه، {وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ؛} أبو بكر وعمر يتولّيانه وينصرانه على من عاداه، {وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ} (٤)؛ أعوانه وأنصاره.

وعن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال: (حدّثني عمر بن الخطّاب رضي الله عنه قال: لمّا اعتزل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم نساءه، دخلت عليه وأنا أرى في وجهه الغضب، فقلت: يا رسول الله ما شقّ عليك من أمر النّساء؟ فإن كنت طلّقتهنّ فإنّ الله معك وملائكته وجبريل وميكائيل، وأنا وأبو بكر والمؤمنون معك، وقلّما تكلّمت وأحمد الله بكلام، إلاّ رجوت أن يكون الله يصدّق قولي الّذي أقول، فنزلت هذه الآية {(وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ)}. (٢).


(١) قاله مقاتل في التفسير: ج ٣ ص ٣٧٧.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: الحديث (٢٦٦٧٧).ومسلم في الصحيح: كتاب الطلاق: باب في الإيلاء: الحديث (١٤٧٩/ ٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>