قوله تعالى:{ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ}(٣٢)؛ السّلسلة: حلقة منتظمة ذرعها سبعون ذراعا، الذّراع سبعون باعا، كلّ باع أبعد ما بين الكوفة ومكّة، قال الحسن:(الله أعلم بأيّ ذراع هو).قال ابن أبي نجيح:(بلغني أنّ جميع أهل النّار في تلك السّلسلة).
وقوله تعالى {(فَاسْلُكُوهُ)} أي أدخلوها في دبره، وأخرجوها من فيه، وألقوا ما فضل منها في عنقه. يقال: سلكت الخيط في الإبرة إذا أدخلته فيها، وتقول العرب:
أدخلت الخاتم في إصبعي، والقلنسوة في رأسي، ومعلوم أنّ الإصبع هي التي تدخل في الخاتم، ولكنّهم أجازوا ذلك؛ لأنّ معناه لا يشكل.
وفائدة السّلسلة: أنّ النار إذا رمت بأهلها الى أعلاها جذبتهم الزبانية بالسّلاسل إلى أسفلها، قال ابن عبّاس:(لو وضعت حلقة من تلك السّلسلة على ذروة جبل لذاب كما يذوب الرّصاص، ولو جمع صديد الدّنيا كلّه لما وزن حلقة واحدة من حلق تلك السّلسلة).قال الكلبيّ:(معنى قوله (فاسلكوه) أي اسلكوا السّلسلة فيه كما يسلك الخيط في اللّؤلؤ).
وقوله تعالى:{إِنَّهُ كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللهِ الْعَظِيمِ}(٣٣)؛أي لا يصدّق بتوحيد الله وعظمته، وفيه بيان أنّ هذا النوع من العذاب لا يكون إلاّ للكفّار،
وقوله تعالى:{وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ}(٣٤)؛وهذا راجع إلى منع الحقوق الواجبة في الشّرع، مثل الزكاة ونحوها، وفيه دليل أنّ الكافر يؤاخذ بالشّرعيات في الآخرة.
قوله تعالى:{فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هاهُنا حَمِيمٌ}(٣٥)؛أي ليس له في الآخرة قريب ينفعه ويحميه،
{وَلا طَعامٌ؛} يشبعه، {إِلاّ مِنْ غِسْلِينٍ}(٣٦)؛وهو ماء يسيل من أجسام أهل النّار من الصديد والقيح والدّم، وكلّ جرح غسلته فخرج منه شيء فهو غسلين، قال ابن عبّاس:(لو أنّ قطرة من الغسلين وقعت في الأرض أفسدت على النّاس معايشهم).
قوله تعالى:{لا يَأْكُلُهُ إِلاَّ الْخاطِؤُنَ}(٣٧)؛أي لا يأكله إلاّ من يخطئ وخطؤهم الشرك، وعن عكرمة قال:(قرأنا عند ابن عبّاس {(لا يَأْكُلُهُ إِلاَّ الْخاطِؤُنَ)}