للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقال: مه كلّنا نخطئ).والخطأ في الآية ضدّ الصّواب لا ضدّ العمد. والذي ذكره الله في قوله {لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلاّ مِنْ ضَرِيعٍ} (١) لا يخالف ما في هذه الآيات، ولأن النار دركات، فمنهم من طعامه الغسلين، ومنهم من طعامه الضّريع، ومنهم من طعامه الزّقّوم.

قوله تعالى: {فَلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ (٣٨) وَما لا تُبْصِرُونَ} (٣٩)؛معناه:

أقسم بما تشاهدون ممّا في السّماء والأرض، وبما لا تشاهدون مما وراء السّماء والأرض،

{إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} (٤٠)،إنّ هذا القرآن لقول جبريل عليه السّلام يرويه إلى محمّد صلّى الله عليه وسلّم.

والقرآن قول أقسم الله بجميع ما خلق إعظاما للقسم، وذكر في أوّل الآية (لا) وذلك لأنه قد يزاد في القسم كما يقال: لا والله لا أفعل كذا، ويجوز أن تكون (لا) هاهنا صلة في الكلام مولّدة، وهو قول البصريّين. ويجوز أن تكون لردّ مقالة الكفّار عليهم، وهو قول الفرّاء، والمعنى: ليس كما يقول المشركون أقسم بما تبصرون.

قوله تعالى: {وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلاً ما تُؤْمِنُونَ} (٤١)؛أي القرآن من عند الله،

وأراد بالقليل نفي إيمانهم أصلا، {وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ} (٤٢) والكاهن: هو المنجّم، وقيل: هو الذي يوهم معرفة الأمور بما يزعم أنّ له خدما من الجنّ.

وقوله تعالى: {تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ} (٤٣)؛معناه: ولكنّه تنزيل من خالق الخلق أجمعين على محمّد صلّى الله عليه وسلّم.

قوله تعالى: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ (٤٤) لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ} (٤٥)؛معناه: لو اخترع علينا محمّد صلّى الله عليه وسلّم بعض هذا القرآن، وتكلّف القول من تلقاء نفسه ما لم نقله، لأخذنا منه بقوّتنا وقدرتنا عليه ثم أهلكناه. واليمين تذكر ويراد بها القوة، قال الشاعر (٢):


(١) الغاشية ٦/.
(٢) البيت من قول الشماخ. وعرابة: اسم رجل من الأنصار من الأوس، وهو عرابة بن أوس بن قيضي الأوسي الحارثي الأنصاري، من سادات المدينة الأجواد المشهورين، أدرك حياة النبي صلّى الله عليه وسلّم وأسلم صغيرا، وتوفي بالمدينة وعمره نحو ستين سنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>