للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التأويل قوله تعالى: {فَلَمّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ} (١).

والقول الأوّل أولى؛ لأنّ الطريقة معرّفة بالألف واللاّم، ولا تذكر الاستقامة إلاّ على الحقّ.

وقوله تعالى: {وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذاباً صَعَداً} (١٧)؛ يعني من يعرض عن القرآن ندخله عذابا شاقّا ذا صعد؛ أي ذا مشقّة، والصّعد:

الشّاقّ الشديد، ومنه قولهم: تنفّس الصّعداء، وفي الحديث: [صخرة ملساء في جهنّم يكلّف الكافر صعودها، يجذب من لقامه بالسّلاسل، ويضرب من خلفه بالمقامع، فإذا انتهى إلى أعلاها ولا يبلغه في أربعين سنة، فإذا بلغ أعلاها أحدر إلى أسفلها، فكان دأبه هذا أبدا] (٢).ويقال: سلكت الشّيء أو أسلكته بمعنى واحد وهو الإدخال. قرأ كوفي ويعقوب «(يسلكه)» بالياء، وقرأ مسلم بن جندب «(نسلكه)» بنون مضمومة وكسر اللام.

قوله تعالى: {وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً} (١٨)؛يعني هذه المساجد المغلوقة لم تبن إلاّ لذكر الله، فلا تدعوا مع الله فيها أحدا غير الله كما تدعوا النّصارى في بيعهم، وكما دعا المشركون في كعبة ربهم، وعن الحسن قال: (من السّنّة أنّه إذا دخل المسجد أن يقول: لا إله إلاّ الله لا أدعو مع الله أحدا).وقيل: إنّ المساجد ما يسجد الإنسان عليه من جبهته ويديه وصدور قدميه، فلا تضعوا هذه الآراب (٣) في التراب لغير خالقها.

قوله تعالى: {وَأَنَّهُ لَمّا قامَ عَبْدُ اللهِ يَدْعُوهُ؛} معناه: وأنّه لمّا قام النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يدعو الله ويقرأ القرآن في الصّلاة ببطن نخلة بين مكّة والطائف إذ أتى تسعة من الجنّ، {كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً} (١٩)،أي كادوا يسقطون عليه رغبة في القرآن وتعجّبا منه وحبّا لاستماعه.


(١) الأنعام ٤٤/.
(٢) في الجامع لأحكام القرآن: ج ١٩ ص ٢٠؛ قال القرطبي: (وقال عكرمة) ثم ساقه عن الكلبي وقال: (يكلف الوليد بن المغيرة أن يصعد ... ).
(٣) في المخطوط: (الآداب) والمناسب الآراب، وهي (الأعضاء) كما في قول طلق بن حبيب. ذكره القرطبي في الجامع لأحكام القرآن: ج ١٩ ص ٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>