للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يقول الله تعالى: {فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشّافِعِينَ} (٤٨)؛أي ما تنفعهم شفاعة الملائكة والنبيّين كما ينفع الموحّدين، قال الحسن: «فما تنفعهم شفاعة ملك ولا شهيد ولا مؤمن، يشفع يومئذ النّبيّون؛ ثمّ الصّدّيقون؛ ثمّ الشّهداء، ويبقى قوم في جهنّم فيقول لهم: {(ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ؟ قالُوا: لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ .. )} إلى قوله تعالى {(فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشّافِعِينَ»)قال ابن مسعود:

«فهؤلاء الّذين يبقون في جهنّم» (١).

قوله تعالى: {فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ} (٤٩)؛معناه: ما لأهل مكّة عن القرآن الذي يقرأ عليهم معرضين؛ أي أيّ شيء لكفّار مكّة في الآخرة إذا أعرضوا عن القرآن، ولم يؤمنوا به مع هذه الدّلالة.

ثم شبّههم بالحمر الوحشيّة في إعراضهم عمّا يقرأ عليهم فقال تعالى:

{كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ} (٥٠)؛قرأ نافع وابن عامر بفتح الفاء؛ أي منفّرة مذعورة، وقرأ الآخرون بكسر الفاء؛ أي نافرة.

وقوله تعالى: {فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ} (٥١)؛يعني فرّت من الأسد، قال ابن عباس: «الحمر الوحشيّة إذا عاينت الأسد هربت منه» كذلك هؤلاء المشركون إذا سمعوا النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يقرأ القرآن هربوا منه، وقال الضحّاك ومقاتل: «القسورة: الرّماة الّذين يرصدونها، لا واحد له من لفظه» (٢).

قوله تعالى: {بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً} (٥٢)؛ قال المفسّرون: إن كفّار مكة قالوا للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم: لتصيح قريش عند رأس كلّ رجل هذا كتاب منشور من الله يأتيك رسوله يؤمر فيه باتّباعك.

والصّحف جمع صحيفة، و (منشّرة) معناه: منشورة، وقيل: معناه: بل يريدون بإفراط جهلهم أن يعطى كلّ واحد منهم كتابا من السّماء مفتوحا: هذا كتاب من فلان إلى فلان بأنّ محمّدا رسول الله.


(١) في الدر المنثور: ج ٨ ص ٣٣٧؛ قال السيوطي: (أخرجه ابن مردويه عن ابن مسعود) وذكره بمعناه.
(٢) قاله مقاتل في التفسير: ج ٣ ص ٤٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>