موعده في جنّة النّعيم ... قد حرّم الخلد على اللّئيم
يساق في العقبى إلى الجحيم
فأنشأت فاطمة تقول:
إنّي سأعطيه ولا أبالي ... وأوثر الله على عيالي
أمسوا جياعا وهم أشبالي ... أصغرهم يقتل في القتال
بكربلا يقتل باغتيال ... للقاتل الويل مع الوبال
تهوي به النّار إلى سفال ... مقيّد اليدين بالأغلال
كبولة زادت على الأكبال
فأعطوه الطّعام وباتوا على الماء، فلمّا كان اليوم الثّالث، طحنت الجارية الصّاع الثّالث وصنعته خمسة أقراص، فصلّى عليّ مع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ثمّ أتى المنزل فوضع الطّعام بين يديه، فإذا بأسير قد وقف بالباب، فقال: السّلام عليكم يا أهل بيت محمّد، تأسروننا وتشدّوننا ولا تطعموننا! أطعموني فإنّي أسير أطعمكم الله من موائد الجنّة!! فسمعه عليّ فأنشأ يقول:
فاطم يا بنت النّبيّ أحمد ... بنت نبيّ سيّد مؤيّد
هذا أسير للنّبيّ المهتد ... مكبّل في غلّه مقيّد
من يطعم اليوم يجده في غد ... عند العليّ الواحد الموحّد
فأطعم من غير منّ أنكد ... حتّى تجازى بالنّعيم السّرمد
فأنشأت فاطمة تقول:
لم يبق ممّا جبت غير صاع ... قدّمته بالكفّ والذّراع
أطعمته لله في الجياع ... وما على رأسي من قناع
فأعطوه طعامهم وباتوا لم يذوقوا إلاّ الماء. فلمّا أصبحوا اليوم الرّابع، أخذ عليّ رضي الله عنه الحسن بيده اليمنى، والحسين بيده اليسرى، ومضى بهما إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهما يرتعشان من شدّة الجوع، فلمّا رآهما قال:[ماذا أرى بكم؟ انطلقوا بنا إلى فاطمة] فانطلقوا إليها فوجدوها في محرابها وهي قد لصق بطنها بظهرها