للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وغارت عيناها من شدّة الجوع، فقال صلّى الله عليه وسلّم: [وا غوثاه يا الله، أهل بيت محمّد يموتون جوعا؟].

فهبط جبريل عليه السّلام فقال: يا محمّد خذ ما أعطيت، هنّاك الله في أهل بيتك، فقال: [وما آخذ؟] فقال: {(إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً. عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللهِ يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً. يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً ... )} إلى قوله: (و {كانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً)}.» (١).

قوله تعالى: {وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها؛} نعت للجنّة (٢)؛أي وجزاهم بما صبروا جنّة دانية ظلالها؛ أي قريب ظلال أشجارها عليهم، دانت دانية؛ لأن الظّلال جمع. وفي قراءة عبد الله «(ودانيا عليهم)».


(١) في الجامع لأحكام القرآن: ج ١٩ ص ١٣٤؛ قال القرطبي: (قال الترمذي الحكيم أبو عبد الله في نوادر الأصول: فهذا حديث مزوّق مزيّف، قد تطرف فيه صاحبه حتى تشبّه على المستمعين، فالجاهل بهذا الحديث يعضّ شفتيه تلهفا أن لا يكون بهذه الصفة، ولا يعلم أن صاحب هذا الفعل مذموم؛ وقد قال الله تعالى في تنزيله: وَيَسْئَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ وهو الفضل الذي يفضل عن نفسك وعيالك، وجرت الأخبار عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم متواترة بأن [خير الصّدقة ما كان عن ظهر غنى]. [وابدأ بنفسك ثمّ بمن تعول].وافترض الله على الأزواج نفقة أهاليهم وأولادهم. وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: [كفى بالمرء إثما أن يضيّع من يقوت].فيحسب عاقل أن عليا جهل هذا الأمر حتى أجهد صبيانا صغارا من أبناء خمس أو ستّ على جوع ثلاثة أيام ولياليهنّ؟ حتى تضوروا من الجوع، وغارت العيون منهم؛ لخلاء أجوافهم، حتى أبكى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما بهم من الجهد. هب أنه آثر على نفسه هذا السائل، فهل كان يجوز له أن يحمل أهله على ذلك؟! وهب أن أهله سمحت بذلك لعلي، فهل جاز له أن يحمل أطفاله على جوع ثلاثة أيام بلياليهن؟! ما يروّج مثل هذا إلا على حمقى جهّال؛ أبى الله لقلوب متنبّهة أن تظنّ بعلي مثل هذا. وليت شعري من حفظ هذه الأبيات كل ليلة عن علي وفاطمة، وإجابة كل واحد منهما صاحبه، حتى أداه إلى هؤلاء الرواة؟! فهذا وأشباهه من أحاديث أهل السجون فيما أرى. بلغني أن قوما يخلّدون في السجون فيبقون بلا حيلة، فيكتبون أحاديث في السمر وأشباهه، ومثل هذه الأحاديث مفتعلة، فإذا صارت إلى الجهابذة رموا بها وزيّفوها، وما من شيء إلا له آفة ومكيدة، وآفة الدين وكيده أكثر).
(٢) في المخطوط: (نعت الجنة) وتقديره: (انتصبت نعتا للجنة).

<<  <  ج: ص:  >  >>