للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشاعر (١):

إلى الحول ثمّ اسم السّلام عليكما ... ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر

وقال قوم: معناه: نزّه ربّك الأعلى عمّا يقول فيه الملحدون ويصفه به المشركون، وجعلوا الاسم صفة. ويجوز أن يكون معناه: نزّه الله عن إجرائه على غيره، وكان عليّ وابن عبّاس وابن عمر رضي الله عنهم إذا قرأ أحدهم بهذه السّورة قال: «سبحان ربي الأعلى» (٢)،والأعلى من صفات الله بمعنى العليّ مثل الأكبر بمعنى الكبير، وليس هذا من علوّ المكان وإنما معناه القاهر القادر، فلا شيء أقدر منه.

قوله تعالى: {الَّذِي خَلَقَ فَسَوّى} (٢)؛أي خلق الإنسان وكلّ ذي روح، فسوّى خلقه باليدين والرّجلين والعينين والأذنين وسائر الأعضاء، وعدّل الخلق.

وقوله تعالى: {وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى} (٣)؛أي قدّر الذي خلقه حسنا وذميما، وقدّر عليه السعادة والشقاوة، فهدى كلّ مكلّف من الضّلال إلى الهدى، ومن الباطل إلى الصواب، ومن الغيّ إلى الرّشاد. وقيل: هدى الإنسان لسبيل الخير والشرّ، وبصّره السبيل إمّا شاكرا، وإما كفورا.

وقيل: ألهم كلّ حيوان ما يحتاج إليه في أمر معيشته، وعرّفه كيف يأتي الذكر الأنثى، وجعل الهداية في قلب الطفل حتى طلب ثدي أمّه، وميّزه من غيره، وهدى الفرخ لطلب الرزق، وهدى الأنعام لمراتعها. وقيل: معنى قوله {(وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى)} أي قدّر مدّة الجنين في الرحم تسعة أشهر، أو أقلّ، أو أكثر، فهدى للخروج من الرّحم. وقيل: قدّر الأرزاق وهداهم لطلبها. وقيل: الذنوب على عباده وهداهم للتوبة. وقيل: قدّر الخلق على صورهم، وعلى ما جرى لهم من الأرزاق، فهداهم إلى معرفة توحيده. قرأ الكسائيّ والسلمي «(قدر فهدى)» مخفّفا.


(١) لبيد العامري (ت ٤١ هـ‍) من قصيده له يخاطب بها ابنتيه، مطلعها:
تمنّى ابنتاي أن يعيش أبوهما وهل أنا إلاّ من ربيعة أو مضر
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٨٦٣٣) عن ابن عمر، و (٢٨٦٣٤) عن علي، و (٢٨٦٣٥) عن ابن عباس رضي الله عنهم جميعا.

<<  <  ج: ص:  >  >>