للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى} (٤)؛أي أنبت الكلأ الأخضر بالمطر للبهائم،

ثم، {فَجَعَلَهُ غُثاءً أَحْوى} (٥)؛معناه: فجعل النبت بعد الخضرة هشيما يابسا باليا كالغثاء الذي يقذفه السّيل على جنبات الوادي، وقوله تعالى: (أحوى) أي أسود، وقد يدخل النبت الأحوى لحاجة البهائم إليه، وقد يكون حطبا للناس، وهذا كلّه إخبار عن قدرة الله تعالى وإنعامه على العباد.

قوله تعالى: {سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى} (٦)؛أي سيقرئك جبريل القرآن بأمرنا فلا تنساه، فلم ينس النبيّ صلّى الله عليه وسلّم حرفا من القرآن بعد نزول هذه الآية.

قوله تعالى: {إِلاّ ما شاءَ اللهُ؛} أي إلاّ ما شاء الله أن تنساه، وهو ما نسخت تلاوته، فنأمرك ألاّ تقرأه حتى تنساه على وجه الأيام، وهذا نسيان النّسخ دون التضييع.

وقيل: إلاّ ما شاء الله أن تنساه (١) ثم تذكره بعد ذلك. وقيل: إنما ذكر الاستثناء لتحسين النّظم على عادة العرب، تذكر الاستثناء عقيب الكلام وهو كقوله تعالى {خالِدِينَ فِيها إِلاّ ما شاءَ اللهُ} (٢) ربّك، معلوم أنّ الله تعالى لم يشأ إخراج أهل الجنة من الجنّة ولا إخراج أهل النار من النار، ولكن المراد به ما ذكرناه.

وقوله تعالى: {إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَما يَخْفى} (٧)؛أي يعلم ما يقرؤه العباد من القرآن، وما يذكرونه من الذّكر في سرّ أو جهر. وقيل: يعلم العلانية من القول والعمل، ويعلم السرّ وما يحدّث الإنسان نفسه بعده، ويعلم إعلان الصّدقة وإخفاءها.

قوله تعالى: {وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرى} (٨)؛أي نيسّرك لعمل الجنّة، ونوفّقك للشّريعة السهلة وهي الحنيفيّة السّمحة،

{فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى} (٩)؛أي عظ بالله إن نفعت المواعظ، وليس على وجه الشّرط، فإنّ الموعظة تنفع لا محالة.

وقوله تعالى: {سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى} (١٠)؛أي سيتّعظ بالقرآن من يخشى عذاب الله،

{وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى} (١١)؛أي يتجنب التذكّر والعظة ويتباعد عنها الأشقى في علم الله فلا يتذكر ثوابا.


(١) كتب الناسخ: (تنساه دفعة) ثم شطب (دفعة).
(٢) الأنعام ١٢٨/.

<<  <  ج: ص:  >  >>