للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لعاد، وهي عادان: عاد الأولى وهي إرم، وعاد الآخرة. ولم يصرف إرم؛ لأنّها اسم للقبيلة، وكان إرم أبا عادين (١) فنسبوا إلى أبيهم (٢).وقيل: إن إرم كانت قبيلة من عاد وكان فيهم الملك،

{الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ} (٨).

قوله تعالى: {(ذاتِ الْعِمادِ)} أي القامات الطّوال والقوى الشدائد، يقال رجل معمد ورجل عمدان إذا كان طويلا قويّا، قال ابن عباس: «كانت قامة الرّجل منهم أربعمائة ذراع، لم يخلق مثلهم في زمانهم قوّة وخلقا» (٣).ويقال: إنه اسم مدينة ذات العماد والذهب والفضّة، بناها شدّاد بن عاد. والقول الأول أقرب إلى ظاهر الآية؛ لأنّ الغرض بهذه الآية زجر الكفّار، وكان الله بيّن بإهلاكهم مع قوّتهم أنه على إهلاك هؤلاء الكفار أقدر.

وقصّة مدينة إرم ذات العماد ما روى وهب بن منبه عن عبد الله بن قلابة: أنه خرج في طلب إبل له شردت. فبينما هو في صحارى عدن، إذ وقع على مدينة في تلك الفلوات، عليها حصن وحول الحصن قصور كثيرة وأعلام طوال.

فلما دنا منها ظنّ أن فيها أحدا يسأله عن إبله، فلم ير خارجا ولا داخلا، فنزل عن دابّته وعقلها، وسلّ سيفه ودخل من باب الحصن، فلما خلف الحصن وراءه إذ هو ببابين عظيمين وخشبهما من أطيب عود، والبابان مرصّعان بالياقوت الأبيض والأحمر، ففتح أحدهما فإذا هو بمدينة فيها قصور، كلّ قصر تحته أعمدة من زبرجد وياقوت، وفوق كلّ قصر منها غرف، وفوق الغرف غرف مبنيّة بالذهب والفضة واللؤلؤ والياقوت، ومصاريع تلك الغرف من أطيب عود مرصّعة بالياقوت الأبيض والأحمر، والغرف مفروشة كلّها باللؤلؤ والمسك والزعفران.


(١) في المخطوط: (عادان).
(٢) في الجامع لأحكام القرآن: ج ٢٠ ص ٤٥؛ قال القرطبي: (وقال معمر: إرم: إليه مجمع عاد وثمود، وكان يقال: عاد إرام، وعاد ثمود).
(٣) في أحكام القرآن: ج ٤ ص ١٩٣٠؛ قال ابن العربي: (وهو باطل؛ لأن في الصحيح أن الله خلق آدم طوله ستون ذراعا في الهواء، فلم يزل الخلق ينقص إلى الآن).وينظر: البداية والنهاية لابن كثير: باب خلق آدم: ج ١ ص ٨٧، ط دار إحياء التراث العربي.

<<  <  ج: ص:  >  >>