للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} (٨)؛الضمير عائد على الإنسان، معناه: إنّ الإنسان في حقّه، ويقال في معناه: وإنّه لحبه المال لبخيل، ويقال:

رجل شديد إذا كان بخيلا.

قال ابن زيد: «سمّي المال خيرا وعسى أن يكون خبيثا وحراما، ولكنّ النّاس يعدّونه خيرا، وسمّى المال خيرا، وسمّى الجهاد سوء، فقال {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ} (١)» (٢) أي فقال وليس هو عند الله سوء ولكن يسمّونه سوء. ومعنى الآية شأنه من أجل حب المال الشديد بخيل، ويقال للبخيل: شديد ومتشدّد، قال طرفة:

أرى الموت يعتام (٣) ... الرّجال ويصطفي

عقيلة مال الفاحش المتشدّد

والفاحش البخيل، قال الله تعالى: {وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ} (٤) أي بالبخل.

وقوله تعالى: {*أَفَلا يَعْلَمُ إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ} (٩)؛معناه:

أفلا يعلم هذا الإنسان إذا بعث الموتى من قبورهم،

{وَحُصِّلَ ما فِي الصُّدُورِ} (١٠)،أي وأظهر ما في صدورهم من الخير والشرّ والسّخاء والبخل،

{إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ} (١١)؛أي عالم يعلم ما أسرّوه وما أعلنوه، ويجازيهم على أعمالهم.

ولولا دخول اللام في جواب (إنّ) لجاءت مفتوحة لوقوع العلم عليها، ولكن لما دخلت اللام كسرت (إنّ) على عادة العرب، كما في قوله تعالى {نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ} (٥).


(١) آل عمران ١٧٤/.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٩٢٩١).وذكره القرطبي في الجامع لأحكام القرآن: ج ٢٠ ص ١٦٢ بلفظه.
(٣) يقال: اعتامه واعتماه؛ أي اختاره.
(٤) البقرة ٢٦٨/.
(٥) المنافقون ١/.

<<  <  ج: ص:  >  >>