للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أصحاب الدّرع: لقد أدلج علينا وأخذها، وطلبنا أثره حتّى دخلنا داره، ولقينا الدّقيق منتثرا، فلمّا حلف تركوه واتّبعوا أثر الدّقيق حتّى انتهوا إلى منزل اليهوديّ وطلبوه، فقال: دفعها إليّ طعمة بن أبيرق، وشهد له ناس من اليهود على ذلك، فقال قوم طعمة: انطلقوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنكلّمه في صاحبنا نعذره ونتجاوز عنه، فإنّ صاحبنا بريء معذور. فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانوا أهل لسان وبيان، فسألوه أن يعذره عند النّاس؛ فهمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعذره ويعاقب اليهوديّ، فأنزل الله هذه الآية) (١).

وفي رواية عن ابن عبّاس: (أنّ طعمة سرق درعا؛ وكان الدّرع في جراب فيه نخالة، فخرق الجراب حتّى كان يتناثر النّخالة بطول الطّريق، فجاء به إلى دار زيد بن السّمين اليهوديّ وتركه على باب داره، وحمل الدّرع إلى بيته، فلمّا أصبح صاحب الدّرع جاء إلى زيد بن السّمين على أثر النّخالة، وحمله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فهمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقطع يده، فأنزل الله هذه الآية).إنا أنزلنا إليك يا محمّد القرآن إنزالا بالحقّ، وقيل: {(بِالْحَقِّ)} أي بالأمر والنّهي والفصل لتحكم بين الناس بما أعلمك الله وأوحى إليك، {وَلا تَكُنْ؛} يا محمّد؛ {لِلْخائِنِينَ خَصِيماً} (١٠٥)؛ أي لطعمة وقومه معينا.

قوله تعالى: {وَاسْتَغْفِرِ اللهَ؛} أي تب إلى الله واستغفره ممّا هممت به من قطع يد زيد بن السّمين. وقال الكلبيّ: (من همّك باليهوديّ أن تضربه).وقال مقاتل: (واستغفر الله من جدالك الّذي جادلت عن طعمة)، {إِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً؛} لمن يستغفره؛ {رَحِيماً} (١٠٦)؛بالتّائبين.

قوله عزّ وجلّ: {وَلا تُجادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ؛} ولا تخاصهم عن الذين يظلمون أنفسهم بالخيانة والسّرقة ورمي اليهوديّ بها، {إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ}


(١) في أسباب النزول: ص ١٢١؛ قال الواحدي: «هذا قول جماعة من المفسرين».وفي اللباب: ج ٧ ص ٥؛قال: «روى عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس ... وذكره).في لباب النقول: ص ٨٣؛قال السيوطي: «قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم».وأخرجه الحاكم في المستدرك: كتاب الحدود: باب مغالطة بني أبيرق: الحديث (٨٢٢٥).وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير: ج ١٩ ص ١٦:الحديث (١٥)،من طريق عاصم بن عمر بن قتادة عن أبيه عن جده.

<<  <  ج: ص:  >  >>