للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{مَنْ كانَ خَوّاناً؛} أي خائنا في الدّرع؛ {أَثِيماً} (١٠٧)؛في رميه اليهوديّ.

وقيل: الخوّان: المكتسب للإثم، والآثم الفاجر بالكذب ورمي البريء، وإنّما قال:

(يختانون أنفسهم) وإن كانوا خانوا غيرهم؛ لأن مضرّة خيانتهم راجعة إليهم، كما يقال: فمن ظلم غيره ما ظلم إلاّ نفسه، وإنّما قال: {(خَوّاناً)} ولم يقل خائنا لعظيم أمر الخيانة.

قوله تعالى: {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ؛} معناه: يستخفي قوم طعمة؛ أي يسرّون من الناس وهم يعلمون أنه سارق ولا يستترون من الله؛ أي لا يمكنهم الاستخفاء منه، فإنّ سرّهم وعلانيتهم عند الله ظاهر.

قوله تعالى: {(وَهُوَ مَعَهُمْ)} وهو شاهد لأفعالهم {(إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ)} أي يدبرون، ويقولون بالليل قولا لا يرضاه الله؛ وهو اتّفاق قول طعمة على أن يرموا اليهوديّ. وقوله تعالى: {وَكانَ اللهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطاً} (١٠٨)؛أي عالما لا يفوته شيء كما لا يفوت المحيط بالشيء.

قوله عزّ وجلّ: {ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ جادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا فَمَنْ يُجادِلُ اللهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ؛} وذلك أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أراد أن يقطع طعمة في السرقة بعد هذه الآيات؛ فجاء قومه شاكّين في السّلاح فجادلوا عنه وهربوا به، فأنزل الله هذه الآية، ومعناها: ها أنتم يا قوم طعمة خاصمتم النبيّ صلّى الله عليه وسلّم عن طعمة وعن خيانته في دار الدّنيا.

وفي قراءة أبيّ: «(جادلتم عنه فمن يجادل الله عالم الغيب والشّهادة يوم القيامة إذا أخذه بعذابه وأدخله النّار)»؛ {أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً} (١٠٩)؛ يتوكّل بهم ويصلح أمرهم ويحفظهم من عذاب الله.

قوله عزّ وجلّ: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ؛} أي ومن يعمل سوءا «ويرمي» (١) به غيره نحو السّرقة والقتل والقذف، أو أنه يظلم نفسه نحو الكذب


(١) «ويرمي» سقطت من المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>