للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاّ إِناثاً؛} أي إن يعبد أهل مكّة من دون الله إلاّ الأصنام والأوثان، وسمّاها إناثا؛ لأنّهم سمّوها باسم الإناث: اللاّت والعزّى ومنات، فعبدوها مع اعتقادهم بنقصان مراتب الإناث عن الذّكور؛ لأنّ الإناث من كلّ جنس أراذله (١)،ويقال: إناثا؛ أي مواتا؛ لأنّ الموات كلّها يخبر عنها كما يخبر عن الإناث، يقال: هذه الأحجار تعجبني؛ «كما تقول: هذه المرأة تعجبني».

قوله تعالى: {وَإِنْ يَدْعُونَ إِلاّ شَيْطاناً مَرِيداً} (١١٧)؛أي ما يريدون بعبادة الأوثان إلاّ عبادة الشّيطان، والمريد: العاتي الخارج عن الطّاعة، ويسمّى المريد مريدا لتعرّيه عن الخير، يقال: شجرة مرداء؛ أي لا ورق عليها، وغلام أمرد: إذا لم يكن على وجهه شعر.

قوله تعالى: {لَعَنَهُ اللهُ وَقالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً} (١١٨) أراد به الشيطان أبعده من رحمته إلى عقابه بالحكم له بالخلود في جهنّم، ويسقط بهذا قول من قال: كيف يصحّ أن يقال: {(لَعَنَهُ اللهُ)} وهو في الدّنيا لا يخلو من نعمة تصل إليه من الله في كلّ حال؟ الجواب لا يعتدّ بتلك النعمة مع الحكم له بالخلود في النّار.

قوله تعالى {(لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً)} أي قال إبليس: لأتّخذنّ من عبادك نصيبا معلوما، فكلّ ما أطيع فيه إبليس فهو مفروض له.

والفرض في اللغة: القطع؛ ومنه الفرضة أي الثّلمة (٢)،والفرض في القوس: ما شدّ به الوتر، والفريضة في العبادات: الأمر الحتم القاطع، وقوله تعالى: {وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً} (٣) أي جعلتم لهنّ قطيعة من المال، وأما قول الشاعر:

إذا أكلت سمكا وفرضا ... ذهبت طولا وذهبت عرضا


(١) في الجامع لأحكام القرآن: ج ٥ ص ٣٨٧؛ قال القرطبي: «لأن الأنثى من كل جنس أخسّه، فهذا جهل ممن يشرك بالله جمادا فيسمّيه أنثى، أو يعتقده أنثى».
(٢) في لسان العرب: (فرض)؛قال ابن منظور: «وفرضة النّهر: ثلمته الّتي منها يستقى».
(٣) البقرة ٢٣٧/.

<<  <  ج: ص:  >  >>