وقوله:{يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ؛} أي يعدهم أن لا جنّة ولا نار؛ ويمنّيهم طول البقاء في الدّنيا ودوام نعيمها ويؤثروها على الآخرة، {وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلاّ غُرُوراً}(١٢٠)؛أي باطلا، والغرور: إيهام النّفع فيما فيه ضرر.
قوله تعالى:{أُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ؛} أي أهل هذه الصّفة مستقرّهم جهنّم، {وَلا يَجِدُونَ عَنْها مَحِيصاً}(١٢١)؛أي مخلصا، يقال: حاص يحيص حيصا؛ إذا عدل عن الشيء.
قوله تعالى:{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ؛} أي أنهار الماء واللّبن والخمر والعسل؛ {خالِدِينَ فِيها أَبَداً؛} أي مقيمين في الجنّة إلى الأبد، وإنّما ذكر الطاعة مع الإيمان وجمع بينهما:
فقال: {(الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ)} يبيّن بطلان من يتوهّم أنه لا يضرّ المعصية والإخلال بالطاعة مع الإيمان؛ كما لا تنفع الطاعة مع الكفر أو ليبيّن استحقاق الثواب على كلّ واحد من الأمرين.
قوله تعالى:{وَعْدَ اللهِ حَقًّا؛} انتصب (وعد) على المصدر، تقديره:
وعد لهم الله هذا وعدا حقّا كائنا؛ {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ قِيلاً}(١٢٢)؛أي ليس أحد أصدق من الله قولا ووعدا.
قوله عزّ وجلّ:{لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ وَلا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ؛} أي ليس ثواب الله تعالى بأمانيّكم، فإنّ {(لَيْسَ)} يقتضي اسما، واختلفوا في المخاطبين بهذه الآية. قال قتادة والضحّاك:(إنّ أهل الكتاب والمسلمين افتخروا، فقال أهل الكتاب:
نبيّنا قبل نبيّكم؛ وكتابنا قبل كتابكم؛ ونحن أولى بالله منكم. وقال المسلمون: نحن أولى بالله منكم؛ نبيّنا خاتم النّبيّين؛ وكتابنا يقضي على الكتب الّتي كانت قبله، فأنزل الله تعالى هذه الآية) (١).
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: النص (٨٢٧٦) عن قتادة، والنص (٨٢٨٢ و ٨٢٧٨) عن الضحاك.