للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال مجاهد: (المخاطبون بها عبدة الأوثان؛ فإنّهم قالوا: لا نبعث ولا نحاسب، وقال أهل الكتاب: لن تمسّنا النّار إلاّ أيّاما معدودة، فأنزل الله تعالى:

{(لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ وَلا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ)} (١). {مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ؛} ولا ينفعه تمنّيه، والمراد بالسّوء الكفر.

وقال بعضهم: المخاطب بها المسلمون؛ أي {(مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ)} أي ليس بأمانيّكم يا معشر المسلمين أن لا تؤاخذوا بسوء بعد الإيمان، {(وَلا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ):} لا يدخل الجنّة إلاّ من كان هودا أو نصارى، من يعمل معصية يجز بذلك ولا ينفعه تمنّيه.

روي: أنّه لمّا نزلت هذه الآية؛ قال أبو بكر رضي الله عنه: يا رسول الله؛ كيف الفلاح بعد هذه الآية؟ فقال صلى الله عليه وسلم: [غفر الله لك يا أبا بكر؛ ألست تمرض؟ ألست تنصب؟ ألست تصيبك اللّأواء؟] قال: بلى، [فهو ما تجزون به] (٢).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: لمّا نزلت هذه الآية شقّ ذلك على المسلمين، فشكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: [قاربوا وسدّدوا].يقال: كلّ ما يصيب المؤمن كفّارة حتى الشّوكة يشاكها في قدميه، والنّكبة ينكبها (٣).

قال عطاء: (لمّا نزل قوله تعالى: {(مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ)} قال أبو بكر رضي الله عنه: هذه قاصمة الظّهر يا رسول الله؛ وأيّنا لم يعمل سوءا، وإنّا لمجزيّون بكلّ سوء عملناه؟! قال: [إنّما هي المصيبات تكون في الدّنيا] (٤).فقال أبو هريرة:


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: النص (٨٢٨٤).
(٢) أخرجه الإمام أحمد في المسند: ج ١ ص ١٠.وابن حبان في صحيحه: كتاب الجنائز: الحديث (٢٩١٠،وفي موارد الضمآن: الحديث (١٧٣٤) وحسّنه. واللأواء: الشدّة وضيق المعيشة. لسان العرب: ج ١٥ ص ٢٣٨.
(٣) أخرجه الإمام أحمد في المسند: ج ٢ ص ٢٤٨.ومسلم في الصحيح: كتاب البر والصلة: باب ثواب المؤمن: الحديث (٢٥٧٤/ ٥٢).والترمذي في الجامع: الحديث (٣٠٣٨)،قال: حديث حسن غريب.
(٤) أخرجه الإمام أحمد في المسند: ج ١ ص ٦.والترمذي في الجامع: الحديث (٣٠٣٩)،وقال: هذا حديث غريب في إسناده مقال.

<<  <  ج: ص:  >  >>