للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله عزّ وجلّ: {إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللهِ؛} أي إلا الذين تابوا من النّفاق، وأصلحوا العمل فيما بينهم وبين ربهم وتمسّكوا بتوحيد الله ودينه، {وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ؛} وأخلصوا توحيدهم وعملهم، {بِاللهِ؛} أي أخلصوا ذلك من شوب الرّياء، وطلب عرض الدّنيا، {فَأُولئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ؛} في الجنّة والثواب، لا يضرّهم النفاق السابق إذا أصلحوا وتابوا.

قوله عزّ وجلّ: {وَسَوْفَ يُؤْتِ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً؛} وهو الجنّة.

ولمّا حذفت الياء من {(يُؤْتِ)} في الخطّ، كما حذفت في اللفظ بسكونها وسكون اللام في اسم الله، فكذلك {سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ} (١) و {يَدْعُ الدّاعِ} (٢).ويحتمل أن يكون معنى الآية: بيان زيادة الثواب لمن يسبق منه كفر ولا نفاق، فذلك قوله تعالى: {(وَسَوْفَ يُؤْتِ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً)}. {(وَسَوْفَ)} كلمة ترجية وإطماع؛ وهي من الله سبحانه وتعالى إيجاب؛ لأنه أكرم الأكرمين، ووعد الكريم إنجاز.

قوله تعالى: {ما يَفْعَلُ اللهُ بِعَذابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ؛} يبيّن الله تعالى أنّ المنافقين هم الذين أوقعوا أنفسهم في الدّرك الأسفل من النار، واستحقّوا ذلك بنفاقهم، وإنه ليس في حكمة الله تعذيب من شكر وآمن، وإنّما في حكمته أن


(٤) فِي الْأَرْضِ والجمع أنفاق. والنّفقة والنّافقاء: جحر الضبّ واليربوع. فهو سرب في الأرض له مخلص إلى مكان آخر. وقيل: النّفقة والنافقاء: موضع يرقّقه اليربوع في جحره، فإذا أتي من قبل القاصعاء ضرب النافقاء برأسه فانتفق منها. وبعضهم يسميه النّفقة.
ولليربوع جحر آخر يقال له: القاصعاء؛ فإذا طلب قصّع فخرج من القاصعاء، فهو يدخل النافقاء ويخرج. وقيل: إن قصعة اليربوع أن يحفر حفيرة ثم يسدّ بابها بترابها، ويسمى ذلك التراب الدّامّاء، ثم يحفر حفرا آخر يقال له: النّافقاء والنفقة والنفق، فلا ينفذها ولكنه يحفرها حتى ترقّ، فإذا أخذ عليه بقاصعائه غدا إلى النّافقاء فضربها برأسه ومرق منها؛ وتراب النّفقة يقال له: الرّاهطاء.
قاله الأزهري في تهذيب اللغة: مادة (نفق):ج ٩ ص ١٥٦.وابن سيده في المحكم: ج ٦ ص ٤٤٧ - ٤٤٨.
(١) العلق ١٨/.
(٢) القمر ٦/.

<<  <  ج: ص:  >  >>