للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يجزي كلّ عامل بما عمل، فذلك قوله تعالى: {(ما يَفْعَلُ اللهُ بِعَذابِكُمْ)} أي ما حاجته إلى تعذيبكم أيّها المنافقون إن وحّدتم في السّرّ وصدقتم في إيمانكم.

ويقال معنى: {(إِنْ شَكَرْتُمْ)} نعم الله {(وَآمَنْتُمْ)} به وبكتبه ورسله. وقيل: فيه تقديم وتأخير؛ أي إن آمنتم وشكرتم؛ لأنّ الشّكر لا يقع مع عدم الإيمان. وبيّن الله تعالى أن تعذيب عباده لا يزيد في ملكه، وأن ترك عقوبتهم على فعلهم لا ينقص من سلطانه.

قوله عزّ وجلّ: {وَكانَ اللهُ شاكِراً عَلِيماً} (١٤٧)؛أي شاكرا للقليل من أعمالكم؛ مثيبا عليها؛ يقبل اليسير؛ ويعطي الجزيل عليها بأضعافها لكم؛ واحدة إلى عشرة إلى سبعمائة إلى ما شاء الله من الأضعاف. والشّكر من العبد: هو الاعتراف بالنّعمة الواصلة إليه مع صدق من التّعظيم، والشّكر من الله تعالى: هو مجازاته العبد على طاعته.

قوله عزّ وجلّ: {*لا يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاّ مَنْ ظُلِمَ؛} قال ابن عبّاس: (معناه: لا يحبّ الله الجهر بالدّعاء الشّرّ على أحد إلاّ أن يظلم فيه؛ فيدعو على ظالمه فلا يعاب على ذلك، وهو مأذون له في أن يشكو ظالمه ويدعو عليه) (١).

ويقال: {(إِلاّ مَنْ ظُلِمَ)} استثناء منقطع؛ معناه: لكن المظلوم يجهر بظلامته تشكّيا.

وفي تفسير الحسن: (لا يحبّ الله المشتّم في الانتصار إلاّ من ظلم، فلا بأس له أن ينتصر ممّن ظلمه بما يجوز له الانتصار به في الدّين).ونظيره قوله تعالى: {وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا} (٢).قال الحسن: (لا يجوز للرّجل «إذا قيل له» (٣):يا زاني، أن يقول بمثل ذلك أو نحوه من أنواع الشّتم).وقال مجاهد: (نزلت هذه الآية في الضّيف إذا لم يضف ومنع حقّه، فقد أذن له أن يشكو) (٤)،والضّيافة ثلاثة أيّام.


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: النص (٨٤٥٩).
(٢) الشعراء ٢٢٧/.
(٣) «إذا قيل له» ليس من المخطوط.
(٤) أخرجه الطبري في جامع البيان: النص (٨٤٦٦) بألفاظ وأسانيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>