للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن قرأ «(إلاّ من ظلم)» بنصب الظّاء، فمعناه: لكن الظالم يجهر بذلك ظلما واعتداء. وقيل: لكن الظالم اجهروا له بالسّوء من القول. قوله تعالى: {وَكانَ اللهُ سَمِيعاً عَلِيماً} (١٤٨)؛أي {(سَمِيعاً)} لدعاء المظلوم؛ {(عَلِيماً)} بعقوبة الظالم.

ويقال: {(سَمِيعاً)} لجميع المسموعات؛ {(عَلِيماً)} لجميع المظلومات. فقوله تعالى: {(إِلاّ مَنْ ظُلِمَ)} في موضع نصب على الاستثناء المنقطع.

قوله تعالى: {إِنْ تُبْدُوا خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللهَ كانَ عَفُوًّا قَدِيراً} (١٤٩)؛معناه: إن تظهروا خيرا أو تسرّوه أو تعفوا عن مظلمة ظلمتم بها؛ فإنّ الله كان عفوّا. العفوّ: كثير العفو من غير حصر، والقدير والقادر بمعنى واحد؛ أي أنّ الله قادر على العقوبة به، ثم يعفو عن عباده مع قدرته على الانتقام. وقيل: معنى الآية: إن تردّوا جوابا حسنا أو تسكتوا عن الظالم ولا تحقّروه ولا تؤاخذوه بظلمه؛ فإن يعف عن الظالم (١) ذنوبه؛ فإن عفو الله عن معاصيكم أكثر من عفوكم عمن ظلمكم.

قوله عزّ وجلّ: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً} (١٥٠)؛نزلت هذه الآية في اليهود والنّصارى؛ آمنت اليهود بموسى والتوراة؛ وكفرت بعيسى والإنجيل، وآمنت النصارى بعيسى والإنجيل؛ وكفرت بموسى والتوراة وبمحمّد والقرآن؛ وكلّهم كفر بمحمّد والقرآن، فأعلم الله: أن ليس من الإيمان بالبعض، والكفر بالبعض دين يتّخذ ذلك طريقا.

قوله عزّ وجلّ: {أُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً} (١٥١)؛أي أهل هذه الصّفة هم الكافرون البتّة، وانتصب قوله {(حَقًّا)} على المصدر، والفائدة في قوله: {(حَقًّا)} بيان أنّ إيمانهم بالبعض لا ينفعهم، ولا يسلب اسم الكفر عنهم.


(١) في المخطوط: (المظلوم).

<<  <  ج: ص:  >  >>