للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الجالب للباقي قوله: {فَبِما} قوله تعالى من بعد {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا} فقوله تعالى {(فَبِظُلْمٍ)} بدل من {(فَبِما نَقْضِهِمْ)،} وجوابهما جميعا {حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ}.

قوله عزّ وجلّ: {وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلى مَرْيَمَ بُهْتاناً عَظِيماً} (١٥٦)؛عطف على ما تقدّم؛ أي وبجحدهم عيسى والإنجيل ومحمّدا صلى الله عليه وسلم ورميهم مريم بالزّنا؛ وهو البهتان العظيم.

وذلك: أنّ عيسى عليه السّلام استقبل رهطا من اليهود؛ فقال بعضهم لبعض: قد جاء السّاحر بن السّاحرة؛ والفاعل بن الفاعلة، فقذفوه وأمّه، فلمّا سمع بذلك عيسى، قال: اللهمّ أنت ربي وأنا عبدك؛ بقدرتك خرجت وبكلمتك خلقتني، ولم أتّهم من تلقاء نفسي، اللهمّ العن من سبّني وسبّ والدتي. فاستجاب الله دعاءه ومسخ ذلك الرّهط الّذين سبّوه وسبّوا أمّه خنازير، وكانوا رموا أمّه بيوسف بن يعقوب بن مانان.

قوله تعالى: {وَقَوْلِهِمْ إِنّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللهِ؛} قال ابن عبّاس: (وذلك أنّه لمّا مسخ الرّهط الّذين سبّوا عيسى وأمّه، فمسخ الله من سبّهما قردة وخنازير؛ فزعت اليهود وخافت دعوته؛ فاجتمعوا على قتله؛ فثاروا إليه ليقتلوه؛ فهرب منهم ودخل بيتا في سقفه روزنة-أي كوّة-فرفعه جبريل عليه السّلام إلى السّماء؛ وأمر يهوديّا ملك اليهود رجلا يقال له طيطانوس أن يدخل البيت فيقتله؛ فدخل فلم يجده، فألقى الله عليه شبه عيسى عليه السّلام، فلمّا خرج إلى أصحابه قتلوه وهم يظنّون أنّه عيسى، ثمّ صلبوه.

فقال بعضهم: قتلناه، وقال بعضهم: إنّ وجهه وجه عيسى وجسده جسد صاحبنا، فإن كان هذا عيسى فأين صاحبنا؟ وإن كان هذا صاحبنا فأين عيسى؟ فاشتبه عليهم واختلفوا فيه، ثمّ بعث عليهم طاطوس بن استيبانيوس الرّوميّ فقتل منهم مقتلة عظيمة).

وقوله تعالى: {(رَسُولَ اللهِ)} قول الله خاصّة لا قول اليهود، وكانت اليهود تقول: عيسى بن مريم، قال الله تعالى: {(رَسُولَ اللهِ)} أي يعنون الذي هو رسول الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>