للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وروي: أنه خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمّته ينزل على ثمانية جبال بيت المقدس وفي يده عصى من حديد، فيمكث في الأرض أربعين سنة إماما مهديا، وقيل: إنّ المراد بقوله {(لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ)} محمّد صلى الله عليه وسلم يؤمن به أهل الكتاب في وقت المشاهدة ولكن لا ينفعهم، والقول الأوّل أصحّ؛ لأن الآية في قصّة عيسى عليه السّلام.

قوله تعالى: {وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً} (١٥٩)؛أي يشهد عيسى عليه السّلام على نفسه يوم القيامة بالعبوديّة، وعلى النصارى بأنّهم عبدوه بغير حقّ، وعلى اليهود بأنّهم كذبوه.

قوله عزّ وجلّ: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ؛} أي فبكفر اليهود وجرمهم حرّمنا عليهم أشياء كانت طيّبة لهم في التوراة؛ منها: لحوم الإبل وألبانها والشّحوم، وكانوا إذا أصابوا ذنبا عظيما حرّم الله عليهم طعاما طيّبا، {وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ كَثِيراً} (١٦٠)؛معناه: بسبب منعهم الناس عن دين الله وهو الإسلام، و؛ بسبب؛ {وَأَخْذِهِمُ الرِّبَوا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ؛} وقد نهوا عن ذلك في التّوراة، و؛ بسبب؛ {وَأَكْلِهِمْ أَمْوالَ النّاسِ بِالْباطِلِ؛} أكل أموال الناس بالظّلم، وأخذ الرّشا في الحكم.

وقوله تعالى: {وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً} (١٦١)؛أي خلقنا وهيّأنا للكافرين منهم عذابا وجيعا يخلص وجعه إلى قلوبهم، وإنّما خصّ الكافرين لبيان أن من يؤمن منهم غير داخل في هذا الوعيد.

ثمّ استثنى الله تعالى منهم من آمن، فقال تعالى: {لكِنِ الرّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ؛} أي لكن التائبون من أهل الكتاب وهم عبد الله بن سلام وأصحابه، وسمّاهم {(الرّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ)} لثباتهم في العلم وتبحّرهم فيه؛ لا يضطربون ولا تميل بهم الشّبه، بمنزلة الشجرة الرّاسخة بعروقها في الأرض.

قوله تعالى: {(وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ)} أي والمؤمنون من غير أهل الكتاب من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يصدّقون بما أنزل إليك من الفرقان، وما فيه من تحريم هذه

<<  <  ج: ص:  >  >>