للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأشياء عليهم، ويصدّقون بما أنزل من قبلك على الأنبياء من الكتب، {وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ؛} يجوز أن يكون معناه: يؤمنون بالنبيّين المقيمين الصلاة، فيكون قوله {(وَالْمُقِيمِينَ)} نسقا على قوله {(بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ)}.

ويجوز أن يكون نصبا على المدح على معنى: أعني المقيمين الصّلاة؛ وهم:

{وَالْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ؛} كما يقال: جاءني قومك المطعمون في المحلّ؛ والمعينون في الشّدائد (١).وقوله تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً} (١٦٢)؛أي المصدّقون بالله وبالبعث بعد الموت أولئك سنعطيهم ثوابا وافرا في الجنّة.

قوله جلّ وعزّ: {*إِنّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ؛} أي أنزلنا جبريل عليك بهذا القرآن كما أوحينا إلى نوح؛ فأمر بالاستقامة على التّوحيد ودعوة الخلق إليه، وكما أوحينا إلى النبيّين من بعد نوح أوحينا إليك.

قيل: إنّ نوحا عليه السّلام عمّر ألف سنة لم تنقص له سنّ ولا قوّة، ولم يشب له شعر، ولم يبلغ أحد من الأنبياء في الدّعوة ما بلغ، ولم يصبر على أذى قومه ما صبر، وكان يدعو قومه ليلا ونهارا، وسرّا وإعلانا، وكان الرجل من قومه يضربه فيغمى عليه، فإذا أفاق دعا وبلّغ، وقيل: هو أوّل من تنشقّ عنه الأرض يوم القيامة بعد محمّد صلى الله عليه وسلم.

قوله تعالى: {وَأَوْحَيْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ؛} وهم بنو يعقوب عليه السّلام وهم اثنا عشر رجلا، و؛ إلى؛ {وَعِيسى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهارُونَ وَسُلَيْمانَ وَآتَيْنا؛} أي أعطينا؛ {داوُدَ زَبُوراً} (١٦٣)؛ والزّبور: هو الكتاب، مأخوذ من الزّبر؛ وهو الكتابة، ومن قرأ «زبورا» بضمّ الزّاي وهو الأعمش وحمزة وابن وثّاب؛ فمعناه: الكتب على الجمع.

فإن قيل: كيف قدّم الله ذكر عيسى على ذكر أيّوب ويونس وهارون وسليمان وداود، وهو من بعدهم؟ قيل: لأنّ الواو للجمع دون الترتيب، فتقديم ذكره في الآية


(١) في معاني القرآن وإعرابه: ج ٢ ص ١٠٦؛قال الزجاج: (على معنى اذكر المطعمين، وعم المغيثون في الشدائد.

<<  <  ج: ص:  >  >>