للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله عزّ وجلّ: {رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ؛} معناه: فأرسلنا هؤلاء رسلا مبشّرين بالجنّة لمن أطاع ومخوّفين بالنار لمن عصى؛ {لِئَلاّ يَكُونَ لِلنّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ؛} لئلاّ يكون للنّاس على الله حجّة يوم القيامة بعد إرسال الرّسل إليهم؛ فيقولوا: ربّنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتّبع آياتك، {وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً} (١٦٥)؛ظاهر المراد.

قوله تعالى: {لكِنِ اللهُ يَشْهَدُ بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ؛} قال ابن عبّاس:

(وذلك أنّ رؤساء مكّة أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: سألنا اليهود عن نعتك وصفتك؛ فزعموا أنّهم لا يعرفونك في كتبهم، فأتنا بمن يشهد لك أنّ الله بعثك إلينا رسولا، فأنزل الله تعالى هذه الآية، وأنزل قوله تعالى: {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} (١)) (٢).

قوله تعالى: {أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ؛} أي على علم منه بأنّك أهل لإنزاله عليك، وعلم من يقبل ومن لا يقبل كما قال الله تعالى: {اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ} (٣).وقيل: معناه: {(أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ)} أي علم ما فيه من الأحكام وما تحتاج إليه العباد من أمر دينهم ودنياهم ثمّ أنزله. وقيل: معناه: أنزله اليك من عنده لم يبدّل ولم يغيّر، بل وصل إليك كما كان في اللّوح المحفوظ.

قوله تعالى: {وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ؛} أي يشهدون على شهادة الله، وعلى شهادتك بأنّ الذي شهدت به حقّ، وقوله تعالى: {وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً} (١٦٦)؛ أي اكتفوا بالله شهيدا في شهادته أن تشهد اليهود بما في كتابهم.


(١) الأنعام ١٩/.
(٢) في الدر المنثور: ج ٢ ص ٧٥٠ قال السيوطي: «أخرجه ابن إسحاق وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في الدلائل: عن ابن عباس».وفي السيرة النبوية لابن هشام: ج ٢ ص ٢١١،وتفصيل قصة ذلك.
(٣) الأنعام ١٢٤/.

<<  <  ج: ص:  >  >>