للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله عزّ وجلّ: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلالاً بَعِيداً} (١٦٧)؛معناه: إنّ الذين جحدوا وحدانيّة الله ومحمّدا صلى الله عليه وسلم والقرآن، وصرفوا الناس عن دين الله وطاعته فقد أخطئوا خطأ بعيدا عن الهدى والثواب. بيّن الله تعالى في هذه الآية ضلالتهم في الدّنيا.

ثم بيّن عقوبتهم في الآخرة فقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ؛} أي إنّ الذين كفروا بما يجب الإيمان به وظلموا أنفسهم بكفرهم لم يكن الله ليغفر لهم ما داموا على كفرهم، {وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً} (١٦٨)؛إلى الإسلام،

{إِلاّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ؛} لكن تركهم على طريق جهنّم وهو الكفر.

وقيل: معناه: لا يرشدهم في الآخرة إلى طريق غير طريق جهنم، كما في قوله تعالى:

{فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ} (١)، {خالِدِينَ فِيها أَبَداً؛} التّخليد والتعذيب، {وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً} (١٦٩)؛سهلا هيّنا.

قوله عزّ وجلّ: {يا أَيُّهَا النّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ؛} خطاب لعامّة الخلق، {(قَدْ جاءَكُمُ الرَّسُولُ)} يعني محمّدا صلى الله عليه وسلم بكلمة التّوحيد والقرآن من عند ربكم، {فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ،} فصدّقوا بالله ورسوله، وبما جاء به من عنده يكن خيرا لكم من التّكذيب.

قال الخليل والبصريّون: (انتصب قوله تعالى {(خَيْراً)} لأنّك إذا أمرت بفعل دخل في معناه؛ تقديره: ائتوا خيرا لكم، وإذا نهيت عن فعل دخل في معناه؛ تقديره:

ائت بدله خيرا لكم).وقال الفرّاء: (انتصب لأنّه متّصل بالأمر وهو من صفته) (٢) تقديره: هو خير لكم، فلمّا سقط هو اتّصل بما قبله، وعلى هذا: انتهوا خيرا لكم.

وقال الكسائيّ: (انتصب لخروجه من الكلام) وقال: (هذا إنّما تقوله العرب في الكلام التّامّ، نحو قولك: لتقومنّ خيرا لك، وانته خيرا لك، وإذا كان الكلام ناقصا رفعوا، فقال: أن انتهوا خير لكم).


(١) الصافات ٢٣/.
(٢) معاني القرآن لأبي زكريا الفراء: ج ١ ص ٢٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>