للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى؛} أي تحاثّوا على الطّاعة وترك المعصية، قال أبو العالية: (البرّ: ما أمرت به، والتّقوى: ترك ما نهيت عنه) (١).وظاهر الأمر يقتضي وجوب المعاونة على الطّاعة، وظاهر الأمر على الوجوب.

قوله تعالى: {وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ؛} أي لا يعن بعضكم بعضا على شيء من المعاصي والظّلم، وقال بعضهم: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإثم والبرّ؛ فقال: [البرّ: حسن الخلق، والإثم: ما حاك في صدرك، وكرهت أن يطّلع عليه النّاس] (٢).قوله تعالى: {وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ} (٢)؛أي اخشوه وأطيعوه فيما أمركم به ونهاكم عنه، {(إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ)} إذا عاقب، فعقابه شديد.

قوله عزّ وجلّ: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ؛} الميتة: اسم لكلّ ذي روح فارقه روحه حتف أنفه، والمراد بالدّم: الدّم المسفوح، وحرّم عليكم لحم الخنزير لعينه لا لكونه ميتة حتى لا يحلّ تناوله مع وجود الذكاة فيه.

وفائدة تخصيص لحم الخنزير بالذّكر دون لحم الكلب وسائر السّباع: أنّ كثيرا من الكفّار ألفوا لحم الخنزير، واعتادوا أكله وأولعوا به ما لم يعتادوا به أكل غيره.

وقيل: فائدته: أنّ مطلق لفظ التحريم يدلّ على نجاسة عينه مع حرمة أكله، ولحم الخنزير مختص بهذا الحكم؛ وذلك: أنّ سائر الحيوانات المحرّم أكلها إذا ذبحت كان لحمها طاهرا لا يفسد الماء إذا وقع فيه، وإن لم يحلّ أكله بخلاف لحم الخنزير.

قوله تعالى: {(وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ)} أي وحرّم عليكم ما ذكر عليه عند الذبح اسم غير الله، وذلك أنّهم كانوا يذبحون لأصنامهم يتقرّبون بذبحها إليهم، فحرّم الله كلّ ذبيحة يتقرّب بذبحها إلى غير الله تعالى، ولذلك قال الفقهاء: إنّ الذابح لو سمّى النبيّ صلى الله عليه وسلم مع الله تعالى فقال: بسم الله ومحمّد؛ حرمت الذبيحة (٣).


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: النص (٨٦٤٧).
(٢) أخرجه مسلم في الصحيح: كتاب البر: باب تفسير البر والإثم: الحديث (٢٥٥٣/ ١٤) عن النواس بن سمعان الأنصاري.
(٣) أدرج الناسخ قوله: «قال في تفسير عبد الصّمد، وذكر الإمام أبو عاصم العامريّ محمد بن-

<<  <  ج: ص:  >  >>