للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {(وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً)} أي اخترت لكم الإسلام من الأديان كلّها دينا، فمن دان بالإسلام، فقد استحقّ ثوابي ورضاي.

والدّين: اسم لجميع ما يعبد الله به خلقه، وأمرهم بالإقامة عليه، وهو الذي أمروا أن يكون ذلك عادتهم والذي به يجزون، فإن الدّين في اللغة: العادة، والدّين الجزاء.

قوله تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (٣)؛أي من دعته الضرورة إلى أكل شيء ممّا حرّم الله عليه في مجاعة غير مائل إلى إثم؛ أي زائد على ما يسدّ به رمقه {(فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)} أباح ذلك رحمة منه وتسهيلا على خلقه. والمخمصة: مأخوذة من المخص وهو شدّة ضمور البطن، والمتجانف من الجنف وهو الميل.

قوله تعالى: {يَسْئَلُونَكَ ماذا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ؛} قال ابن عبّاس: (لمّا نزل قوله تعالى: {(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ)} جاء عديّ بن حاتم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنّ لنا كلابا نتصيّد بها فتأخذ البقر والظّباء والحمر، فمنها ما ندرك ذكاته، ومنها ما لا ندرك، وقد حرّم الله الميتة.

فأنزل الله هذه الآية).

ومعناها: يسألونك يا محمّد: أيّ شيء أحلّ لهم من الصّيد وغيره؟ قل أحلّ لكم المباحات. يقال: هذا يطيب لفلان؛ أي يحلّ، قال الله تعالى: {فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ} (١) أي ما حلّ لكم. وكلّ شيء لم يأت تحريمه في كتاب أو سنّة فهو من الطّيّبات. وقال بعضهم: أراد بالطيّبات المستلذات والمشتهيات، وهو عامّ أريد به غير ما تضمّنته الآية المتقدّمة.

قوله تعالى: {(وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ)} أي وأحلّ صيد ما علّمتم، فحذف ذكر الصّيد لأنّ في الكلام دليلا عليه، والجوارح: هي الكواسب من الفهد؛ والصّقر؛ والباز؛ والعقاب؛ والنّسر؛ والباشق؛ والشّاهين وسائر ما يصطاد به الصيد.


(١) النساء ٣/.

<<  <  ج: ص:  >  >>