للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صلى الله عليه وسلم وهو واقف، وكلاهما بحمد الله لنا عيد، ولا يزال ذلك اليوم عيدا) (١).قال ابن عبّاس: (إنّها نزلت في يوم عيدين: يوم جمعة ويوم عرفة) (٢).

روي عن عمر رضي الله عنه أنّه بكى يوم نزلت هذه الآية، فقال له النّبيّ صلى الله عليه وسلم: [ما يبكيك يا عمر؟!] قال: أبكاني أنّا كنّا في زيادة من ديننا، فأمّا إذا أكمل، فإنّه لا يكمل شيء إلاّ نقص، قال: [صدقت] (٣).

واختلفوا في معنى الآية؛ قال بعضهم: معناها: اليوم أكملت لكم شرائع دينكم من الفرائض والسّنن والأحكام والحدود والحلال والحرام، فلم ينزل بعدها حلال ولا حرام ولا شيء من الفرائض، وثبت لكم جميع ما كنت أريد أن أبيّنه لكم في الأزل، فأمّا دين الله فلم يزل كاملا لا ينقص فيه، وهذا قول ابن عبّاس والسّدّيّ. وقال قتادة وسعيد: (معناه: أكملت لكم دينكم؛ فلم يحجّ معكم مشرك).ويحتمل أن يكون المراد بالأكمل للدين أظهره على سائر الأديان بالنّصرة والغلبة، و (اليوم) نصب على الظّرف، كما يقال: الآن، وفي هذا الزّمان.

قوله تعالى: {(وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي)} أي أتممت عليكم منّتي بإظهار الدّين حتى لم يحجّ معكم مشرك، وقيل: نعمة الله بيان فرائضه، وقيل: هي إيجاب الجنّة، وقيل: معناه: وأنجزت لكم وعدي في قولي: {وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ} (٤)،فكان من تمام نعمته أن دخلوا مكّة آمنين وعليها ظاهرين، وحجّوا مطمئنّين، ولم يخالطهم أحد من المشركين.


(١) أخرجه البخاري في الصحيح: كتاب الإيمان: باب زيادة الإيمان ونقصانه: الحديث (٤٥)، وكتاب المغازي: باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم: الحديث (٤٤٠٧).ومسلم في الصحيح: كتاب التفسير: الحديث (٣ و ٤ و ٣٠١٧/ ٥).
(٢) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير: ج ١٢ ص ١٤٣:الحديث (١٢٨٣٥).والترمذي في الجامع: كتاب التفسير: الحديث (٣٠٤٤)،وقال: حديث حسن غريب.
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان: النص (٨٧١٢) مرسلا. وفي الدر المنثور: ج ٣ ص ١٨؛ قال السيوطي: «أخرجه ابن أبي شيبة وابن جرير».
(٤) البقرة ١٥٠/.

<<  <  ج: ص:  >  >>