للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الكتابيّات مع القدرة عليهنّ؛ وذلك لأنّ نكاح الأمة يؤدّي إلى إرقاق الولد؛ لأنّ الولد يتبع الأمة في الرّقّ والحريّة، ولا ينبغي لأحد أن يختار رقّ ولده، كما لا ينبغي أن يختار رقّ نفسه.

قوله تعالى: {مِنْ قَبْلِكُمْ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ؛} أي ناكحين غير زانين معلنين بالزّنا، ولا متّخذي صديقات للزّنا سرّا. قال الحسن: (كان بعض الجاهليّة تسافح وتزني بكلّ من وجد من النّساء، وبعضهم يتّخذ خليلة يزني بها سرّا ويتجنّب الزّنا علانية، فبيّن الله تعالى بهذه الآية حرمة الزّنا سرّا وعلانية).

قوله عزّ وجلّ: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ} (٥)؛قال ابن عبّاس: (لمّا رخّص الله للمسلمين في نكاح الكتابيّات؛ قال أهل الكتاب: لولا أنّ الله رضي أعمالنا لم يحلّ للمسلمين تزويج نسائنا. وقال المسلمون: كيف يتزوّج الرّجل الكتابيّة وهي كافرة؟ فأنزل {(وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ)} من المغبونين، غبن نفسه وفسق وصار إلى النّار، لا يغني عن المرأة الكتابيّة إسلام زوجها ولا ينفعها ذلك، ولا يضرّ المسلم كفر زوجته الكتابيّة).

قوله عزّ وجلّ: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ؛} قال ابن عبّاس وجماعة من المفسّرين: (معناه: إذا أردتم القيام إلى الصّلاة، وإنّما أضمروا إرادة القيام؛ لأنّ صحّة قيام الصّلاة بالطّهارة فلا يصحّ جزء من القيام قبل تقدّم الطّهارة).

وظاهر الآية يقتضي أنّ القيام إلى الصلاة يكون سببا لوجوب الطّهارة، ولا خلاف بين السّلف والخلف أنّ الطهارة لا تجب سبب القيام إلى الصّلاة، إلاّ أنه روي عن ابن عمر وعليّ رضي الله عنهما: (أنّهما كانا يتوضّأن عند كلّ صلاة، ويقرآن هذه الآية).فيحتمل أنّهما كانا يفعلان ذلك ندبا واستحبابا، فإن تجديد الطّهارة لكلّ صلاة مستحبّ. وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: [من توضّأ فهو على وضوء ما لم

<<  <  ج: ص:  >  >>