للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ؛} معناه: أو جامعتم النّساء. {فَلَمْ تَجِدُوا ماءً؛} أي تقدرون على ما تتطهّرون به من الجنابة والحدث، {فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً؛} أي اقصدوا ترابا نظيفا، {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ؛} اختلف العلماء في قوله {(مِنْهُ)؛} قال أبو يوسف: (معناه التّبعيض؛ أي امسحوا بوجوهكم وأيديكم من بعض الصّعيد وهو التّراب).وقال أبو حنيفة ومحمد:

(معنى (من) هاهنا ابتداء الغاية؛ أي فانقلوا اليد بعد وضعها على الصّعيد إلى الوجوه والأيدي من غير أن يتخلّلها ما يوجب الفصل).

قوله تعالى: {ما يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ؛} أي ما يريد الله أن يجعل عليكم بتكليف العبادات تضييقا في الدّين، {وَلكِنْ،} وإنّما، {يُرِيدُ،} بذلك، {لِيُطَهِّرَكُمْ،} أن يطهّركم من الذّنوب والأحداث والجنابة، كما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: [أيّما رجل قام إلى وضوئه يريد الصّلاة ثمّ غسل كفّيه نزلت خطيئة كفّيه مع أوّل قطرة، فإذا تمضمض واستنشق نزلت خطيئة لسانه وشفتيه مع أوّل قطرة، فإذا غسل وجهه ويديه إلى المرفقين ورجليه إلى الكعبين سلم من كلّ ذنب هو عليه، وكان كيوم ولدته أمّه] (١).

قوله تعالى: {وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ؛} قال الحسن: (بإدخال الجنّة)، وقال ابن عبّاس: (بجواز التّيمّم لكم بالتّراب في حال عدم الماء). {لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (٦)؛أي لكي تشكروا نعمة الله عليكم في رخصته لكم وتخفيفه عليكم في التّكليف. قال عثمان رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: [ما توضّأ عبد فأسبغ وضوءه، ثمّ قام إلى الصّلاة إلاّ غفر الله له ما بينه وبين الصّلاة الأخرى] (٢).

قوله عزّ وجلّ: {وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثاقَهُ الَّذِي واثَقَكُمْ بِهِ؛} أي احفظوا نعم الله عليكم، وإنما ذكره بلفظ النّعمة؛ لأنه ذهب فيه مذهب الجنس،


(١) في الدر المنثور: ج ٣ ص ٣٢؛ قال السيوطي: «أخرجه أحمد والطبراني بسند حسن عن أبي أمامة».
(٢) في الدر المنثور: ج ٣ ص ٣٢؛ قال السيوطي: «أخرجه ابن المبارك في الزهد وابن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان».

<<  <  ج: ص:  >  >>