للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وميثاقه) أي عهده الذي عاهدكم به. قال ابن عبّاس والحسن: (يعني الميثاق الّذي أخذه الله تعالى على ذرّيّة آدم حين أخرجهم من صلبه، وقال {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى} (١).

وقال السّدّيّ: (أراد بالميثاق هنا مبايعة النّبيّ صلى الله عليه وسلم على السّمع والطّاعة في كلّ ما أمر به أو نهى في حال العسر واليسر والرّضا والكره).وهذا أقرب إلى ظاهر الآية؛ لأنّ الله تعالى ذكّرهم الميثاق وهم لا يحفظون الميثاق الذي من وقت آدم.

وقيل: أراد به العهد الوثيق الذي أخذه الله على جميع عباده في أوامره ونواهيه فسمعوه وقبلوه وآمنوا به على ما فسّر الله بقوله: {إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنا وَأَطَعْنا؛} قوله تعالى: {وَاتَّقُوا اللهَ؛} أي اخشوا عقابه في نقض الميثاق، {إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ} (٧)؛أي بما في القلوب من الوفاء والنّقض، وذات الصّدور ما تضمّنته الصّدور وهي القلوب.

قوله عزّ وجلّ: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوّامِينَ لِلّهِ شُهَداءَ بِالْقِسْطِ؛} أي كونوا قوّامين بأمر الله قائلين له مبيّنين عن دين الله بالحقّ والعدل، {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلاّ تَعْدِلُوا؛} أي لا يحملنّكم بغض الكفّار على ترك العدل فيه مكافأة لما سلف منهم، ويقال: لا يحملنّكم عداوة المشهود له على كتمان ماله عندكم من الشهادة، ولا عداوة المشهود عليه على إقامة الشّهادة عليه بغير حقّ.

قوله تعالى: {اِعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى؛} أي اعدلوا في جميع أقوالكم وأفعالكم فيما لكم وعليكم، فإنّ العدل أقرب للتّقوى؛ أي أقرب إلى أن تصيروا به مؤمنين، وقيل: أقرب إلى تقوى عذاب الله. {وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ} (٨)؛من الخير والشرّ والعدل والجور.

قوله تعالى: {وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ؛} أي الذين صدّقوا بمحمّد صلى الله عليه وسلم والقرآن، وعملوا الصالحات فيما بينهم وبين ربهم، وهذا تمام الكلام، يقال: وعدت الرّجل؛ يراد بذلك وعدته خيرا، وأوعدت الرّجل؛ يراد بذلك


(١) الأعراف ١٧٢/.

<<  <  ج: ص:  >  >>