للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تكتمون من الإسلام، وآية الرّجم، وتحريم الزّنا وغير ذلك. قوله تعالى: {(وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ)} أي يتجاوز عن كثير ممّا كنتم تكتمونه ولا يعاقبكم عليه، يعني ممّا لم يؤمر ببيانه، وقوله تعالى: {(وَكِتابٌ مُبِينٌ)} يعني القرآن يبيّن الحلال والحرام والأمر والنّهي.

قوله تعالى: {يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ؛} أي يهدي الله بالقرآن من قبل الحقّ ورغب في الإسلام، وقوله تعالى: {(رِضْوانَهُ)} أي رضا الله، وقوله تعالى: {(سُبُلَ السَّلامِ)} أي طرق السّلامة، وهي دين الإسلام، والسّلام والسّلامة، كالرّضاع والرّضاعة، ويقال: السّلام هو الله، وسبل السّلام: طرق الله التي دعا إليها.

قوله تعالى: {وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ؛} أي يخرجهم من ظلمات الكفر، بالتعريف لهم إلى نور الإيمان، {بِإِذْنِهِ؛} أي بإذن الله ومشيئته، وسمّي الإيمان نورا؛ لأنّ الإنسان إذا آمن أبصر به طريق نجاته فطلبه، وطريق هلاكه فحذره. قوله تعالى: {وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ} (١٦)؛أي ويرشدهم إلى طريق الحقّ.

وقوله عزّ وجلّ: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ؛} نزلت في نصارى نجران وهم الماريعقوبية أو اليعقوبية، قالوا: إنّ الله هو المسيح بن مريم، قال الله تعالى: {قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللهِ شَيْئاً؛} أي قل لهم يا محمّد: من يقدر أن يدفع شيئا من عذاب الله؛ {إِنْ أَرادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً؛} أي إن أراد أن يهلك عيسى ابن مريم وأمّه، وهذا احتجاج من الله تعالى على النّصارى بما لا يملكون دفعه، إذ المسيح وأمّه بشران يأكلان الطعام ويحتاجان إلى ما يحتاج إليه الناس، وقد علموه ضرورة أنّهما كانا بعد أن لم يكونا، وشاهد كثير منهم ميلاد عيسى وحاله من الطفولة والشّباب والكهولة.

قوله تعالى: {(إِنْ أَرادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ)} أي إذا أراد الله إهلاك عيسى وأمّه لما أعجزه ذلك، ولا هناك دافع، وكيف يكون إلها من لا يقدر على دفع الهلاك عن نفسه ولا عن غيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>