للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {وَلِلّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما؛} أي من ملك السّماوات والأرض لا يوصف بالولادة. وقيل: من كان مالك السّماوات والأرض يقدر على خلق ولد بلا والد، كما قال تعالى: {يَخْلُقُ ما يَشاءُ؛} أي كما يشاء، بأب وبغير أب، ولو كان خلق عيسى من غير أب موجبا كونه إلها وابنه لكان خلق آدم من غير أب ولا أمّ أولى بذلك؛ لأنه أعجب وأبدع.

قوله تعالى: {وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (١٧)؛من خلق عيسى وغيره قادر على عقوبتكم.

قوله عزّ وجلّ: {وَقالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصارى نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبّاؤُهُ؛} وذلك: أنّ جماعة من اليهود دخلوا على النبيّ صلى الله عليه وسلم، فدعاهم إلى الإيمان وحذرهم، فقالوا: نحن أبناء الله وأحبّاؤه فلا يعذّبنا، وكذلك قالت النّصارى نحن أبناء الله وأحبّاؤه، حين حذرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عذاب الله (١).وأرادوا بقولهم: نحن أبناء الله وأحبّاؤه: نحن من الله بمنزلة الأبناء والآباء، وقرابا من الله كقرب الوالد لولده، وحبّه إيّانا كحب الوالد لولده، وغضب الله علينا كغضب الوالد على ولده، إذا سخط على ولده في وقت يرضى عنه في وقت آخر.

قوله تعالى: {قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ؛} أي لم عذب من قبلكم من اليهود والنّصارى الذين كانوا أمثالكم في الدّين فمسخهم الله في الدّنيا. قوله تعالى:

{بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ؛} أي لستم بأبناء الله ولا أحبّائه، ولكنّكم خلق كسائر الخلق، يغفر لمن هداه للإسلام، ويعذّب من مات على الكفر.

قوله تعالى: {وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَلِلّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما؛} أي له القدرة على أهل السّماوات والأرض، وما بينهما من الخلق والعجائب، {وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ} (١٨)؛أي إليه مصير من آمن ومن لم يؤمن.


(١) في الدر المنثور: ج ٣ ص ٤٥؛ قال السيوطي: «وأخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس ... ».وأخرجه الطبري في جامع البيان: النص (٩٠٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>