للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله عزّ وجلّ: {يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ؛} أي يا أهل التّوراة والإنجيل قد جاءكم محمّد صلى الله عليه وسلم يبيّن لكم الحلال والحرام على انقطاع من الرّسل، ودروس من العلم. قال الكلبيّ: (كان بين ميلاد عيسى ومحمّد صلى الله عليه وسلم خمسمائة وتسعة وتسعون سنة، وبعد ميلاد عيسى أربعة من الرّسل في مائة وأربعة وثلاثين سنة، كما قال تعالى: {إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُما فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ} (١) قال: ولا أدري الرّسول الرّابع من هو).قال بعضهم:

كان بين عيسى ومحمّد صلوات الله عليهما ستّمائة سنة (٢).

قوله تعالى: {أَنْ تَقُولُوا ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ؛} معناه: كيلا تقولوا يوم القيامة ما جاءنا من بشير يبشّرنا بالجنّة، ولا مخوّف يخوّفنا بالنار، {فَقَدْ جاءَكُمْ بَشِيرٌ؛} يبشّركم بالجنّة إن أطعتموه، {وَنَذِيرٌ؛} ينذركم بالنار إن عصيتموه، {وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (١٩)؛من إرسال الرّسل والثواب والعقاب.

وقوله تعالى: {وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً؛} فاذكروا يا أهل الكتاب إذ قال موسى لبني إسرائيل احفظوا منّة الله عليكم إذ أكرم بعضكم بالنّبوة، وهم السّبعون الذين اختارهم موسى وانطلقوا معه إلى الجبل.

وإنّما منّ الله عليهم بذلك، لأنّ كثرة الأشراف والأفاضل في القوم شرف وفضل لهم، ولا شرف أعظم من النّبوة، وقوله تعالى: {(وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً)} أي أحرارا تملكون أمر أنفسكم بعد أن كانت تستعبدكم القبطة في مملكة فرعون، وقيل: ملوكا ذوي خدم، وأهل منازل لا يدخل عليكم فيها إلاّ بإذن.

قوله تعالى: {وَآتاكُمْ ما لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ} (٢٠)؛أي أعطاكم من عالمي زمانكم، ويقال: أراد بذلك جميع العالمين، فإنه تعالى أنزل عليهم المنّ والسّلوى، وظلّلهم بالغمام، ولم يؤت أحدا مثل هذه النّعم قبلهم.


(١) يس ١٤/.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: النص (٩٠٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>