للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا يدخل المستقبل في اللفظ؛ لأنّ اللفظ خبر عن ما مضى، ولا يدخل ذلك على أنه لم يؤت أمّة محمّد صلى الله عليه وسلم مثل الفضيلة التي آتاهم أو أكثر، والغرض من هذه الآية أنّ الله تعالى أراد أن يكلّفهم دخول الأرض المقدّسة، وكان يشقّ ذلك عليهم فقدّم ذكر نعمه عليهم ليكون بامتثالهم مثال على امتثال أمر الله تعالى.

قوله تعالى: {يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ؛} قال ابن عبّاس: (وذلك أنّ الاثني عشر نقيبا الّذين أرسلهم موسى إلى قرية الجبّارين جواسيس؛ لمّا انتهوا إلى مدينتهم أخذوا فأتي بهم إلى الملك، ويقال أخذهم عوج ابن عنق واحتملهم في ثوبه حتّى ألقاهم بين يدي الملك، فقيل للملك: إنّ هؤلاء يزعمون أنّهم يفتحون مدينتك ويظهرون عليك، قال: فطوفوا بهم المدينة فأروهم إيّاها.

فطافوا بهم، وكانوا يلعبون بهم حتّى أنّ الرّجل منهم ليأتي بالقدح والسّكرجة والقصعة فيدخل واحد منهم تحتها، ثمّ ردّوهم إلى الملك فأراد قتلهم، فقالت: إيش تصنع بقتل هؤلاء ويكفيهم ما رأوا، ردّوهم إلى أصحابهم يحدّثونهم بما رأوا، فأرسلوهم.

فلمّا خرجوا قال بعضهم لبعض: قد علمتم خلاف بني إسرائيل لموسى، وقد وعد الله موسى أن يفتح لهم الأرض، ولن يخلف الله وعده، فهيموا التّحالف أن لا يخبر شيئا غير موسى؛ فتحالفوا.

فلمّا خلوا بنسائهم جعلت المرأة تسأل زوجها عمّا رأى، فيأخذ عليها المواثيق أن لا تخبر أحدا، ثمّ يخبرها، وجعلت المرأة يأتيها أبوها وأمّها وإخوانها فتأخذ عليهم المواثيق ثمّ تخبرهم.

فما ارتفع النّهار حتّى فشا الخبر في البلاد، ولم يخبر يوشع ولا كالب أحدا بشيء من أمرهم، إنّما أخبر بذلك العشرة. فجمع موسى عليه السّلام بني إسرائيل وخطبهم ثمّ قال: يا بني إسرائيل {اُذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ} ... ) إلى قوله:

{(فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ)}.

<<  <  ج: ص:  >  >>