للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله عزّ وجلّ {(فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً)} أي قال الله تعالى: فإنّ الأرض المقدّسة محرّمة عليهم؛ أي هم ممنوعون من دخولها أربعين سنة، وأصل التّحريم المنع. قال الله تعالى: {وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ مِنْ قَبْلُ} (١) وأراد به المنع.

قوله تعالى: {(يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ)} أي يتحيّرون. قال ابن عبّاس: (يتحيّرون في ستّة فراسخ أربعين سنة، كانوا يسيرون في أوّل النّهار فيمسون في مكانهم، ويسيرون في أوّل اللّيل، فتدور بهم الأرض فيصبحون في مكانهم).قال الحسن: (عمي عليهم السّبيل وأخفي عليهم الأعلام الّتي يهتدون إلى الطّريق فلم يستطيعوا الخروج منها).

وذهب بعضهم أنّ قوله: {(أَرْبَعِينَ سَنَةً)} منصوب ب {(يَتِيهُونَ)قالوا: كانت الأرض المقدّسة حراما على أولئك القوم الذين عصوا الله عزّ وجلّ أبدا، ولم يبق منهم أحد بعد أربعين سنة، إنّما بقي يوشع بن نون وكالب. وقيل: مات من النّقباء العشرة الذين فشوا الخبر وهم ثمانية، ومعهم سبعمائة ألف مقاتل، فكان كلّ من دخل التّيه ممّن جاوز عشرين سنة مات في التّيه غير يوشع وكالب، ولم يدخل أريحا ممن قالوا إنّا لن ندخلها، ومات موسى وأخوه هارون حين انقضاء التّيه.

وفاة هارون عليه السّلام:

قال السّدّيّ: (أوحى الله تعالى إلى موسى: أنّي متوفّ هارون فأت به جبل كذا. فانطلق موسى وهارون نحو ذلك الجبل، فإذا هما بشجرة لم ير مثلها، فإذا سرير عليها فرش وريح طيّبة، فلمّا نظر هارون إلى ذلك أعجبه، فقال: يا موسى إنّي أحبّ أن أنام على هذا السّرير، قال له: نم عليه، فلمّا نام عليه جاءه ملك الموت، فقال: يا موسى خدعتني.

فلمّا توفّي ذهب إلى تلك الشّجرة ورفع السّرير إلى السّماء. فلمّا رجع موسى عليه السّلام إلى بني إسرائيل وليس معه هارون قالوا: فإنّ موسى قتل هارون وحسده على حب بني إسرائيل. فقال موسى: ويلكم أفتروني أقتل أخي! فلمّا كثروا عليه صلّى ركعتين ثمّ دعا، فنزل السّرير حتّى نظروا إليه فصدّقوه) (٢).


(١) القصص ١٢/.
(٢) ذكر البغوي القصة في معالم التنزيل: ص ٣٧٠: تفسير الآية.

<<  <  ج: ص:  >  >>