للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال وهب: (خرج موسى لبعض حوائجه، فمرّ برهط من الملائكة يحفرون قبرا لم ير أحسن منه نظرة وبهجة، فقال: يا ملائكة الله لمن هذا القبر؟ قالوا: لعبد كريم، فقال: ما رأيت مضجعا أحسن من هذا! قالوا: يا كليم الله أتحبّ أن يكون لك؟ قال: وددت، قالوا: فانزل واضطجع فيه، ففعل ذلك، ثمّ تنفّس وقبض الله روحه، ثمّ سوّت عليه الملائكة التّراب) (١).

وروي: أن يوشع رآه بعد موته في المنام؛ فقال: كيف وجدت الموت؟ قال:

كشاة تسلخ وهي حيّة. وكان عمر موسى مائة وعشرين سنة، فلما مات موسى عليه السّلام وكان قد استخلف يوشع، سار يوشع بالناس حتى انتهوا إلى مدينة الجبّارين وحاصروهم. فلما كان يوم الجمعة وكادت الشمس تغرب، توضّأ يوشع وصلّى ودعا ربّه وسأله أن ينجز له ما وعده.

وذكر أنّ الشمس تغرب ليلة السّبت لا يقاتل فيها، فردّ الله الشّمس حتى كانت في مقدار صلاة الظّهر، فجمع يوشع بني إسرائيل وجعل في سبط منهم سورا فصاحوا سبابيرهم، ودخلوا مدينة أعدائهم فقتلوهم حتى أتى الثمانين رجلا من أصحاب يوشع كانوا يقعدون على الرّجل، ويحزّون رأسه فلا يطيقونه من عظمه، وكان طول كلّ واحد من الجبّارين ثمانين ذراعا، وكان موسى عليه السّلام قد قتل عوج بن عنق قبل ذلك، وكان طوله ثلاثة وعشرين ألف ذراع وثلاثمائة وثلاثين ذراعا وثلث ذراع، قاله ابن عمر رضي الله عنهما، وكان يحتجز بالسّحاب ويشرب منه، ويتناول الحوت من قرار البحر فيشويه بعين الشّمس ويأكله.

يروى أنّ طوفان نوح عليه السّلام غمر جميع جبال الدّنيا وما بلغ إلاّ إلى ركبتيه- وعاش عوج ثلاثة آلاف سنة وسبعمائة سنة-وأهلكه الله تعالى على يدي موسى عليه السّلام. وسبب ذلك أنه كانت محطّة عسكر موسى عليه السّلام فرسخا في فرسخ، فجاء عوج حتى نظر إليهم ثم جاء الجبل وقدّ منه صخرة على قدر العسكر، ثم حملها ليطبقها


(٤) -المستدرك: كتاب تواريخ المتقدمين: باب كان ملك الموت يأتي الناس عيانا: الحديث (٤١٦١)؛ وقال: «صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه».
(١) ذكره البغوي في معالم التنزيل: ص ٣٧٠ - ٣٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>