للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عليهم، فبعث الله طيرا حتى قوّر الصخرة بمنقاره فأنقبها فوقعت في عنق عوج فطوّقته فصرعته، وأقبل موسى عليه السّلام وطوله عشرة أذرع وعصاه عشرة، ووثب عشرة أذرع إلى جهة السّماء، فما أصاب إلاّ كعبه وهو مصروع في الأرض فقتله (١)،وأقبل جماعة كثيرة معهم سكاكين وخناجر حتى حزّوا رأسه، وكانت أمّه عنقا، ويقال لها: عناق، وكانت إحدى بنات آدم عليه السّلام وهي أوّل امرأة زنت على وجه الأرض، وكان كل إصبع من أصابعها طوله ثلاثة أذرع وعرضها ذراعين، في كلّ إصبع ظفران مثل المخلبين، فلما زنت بعث الله عليها أسودا كالفيلة، وذبابا كالإبل، ونمورا كالحمر، وسلّطهم عليها فأكلوها (٢).

قوله عزّ وجلّ: {*وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبا قُرْباناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قالَ لَأَقْتُلَنَّكَ؛} معناه: واقرأ يا محمّد على قومك خبر ابني آدم بالصّدق؛ إذ وضعا على الجبل قربانا، والقربان: ما يتقرّب به إلى الله تعالى. وقيل: معناه: واقرأ على أولاد هؤلاء الذي تقدّم ذكرهم من أهل الكتاب حتى يقرّوا برسالتك. قوله تعالى: {(فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما)} أي قبل القربان من أحدهما، ولم يتقبّل من الآخر، ومعنى القبول: إيجاب الثواب.

قال ابن عبّاس: (وذلك أنّ حوّاء كانت تلد كلّ بطن ولدين ذكر وأنثى؛ إلاّ شيث فإنّها ولدته منفردا، فولدت أوّل بطن قابيل وأخته إقليما، ثمّ ولدت في البطن الثّاني هابيل وأخته لبودا. فلمّا أدركوا، أمر الله آدم أن يزوّج قابيل أخت هابيل، ويزوّج هابيل أخت قابيل، فرضي هابيل وكره قابيل؛ لأنّ أخته كانت أحسنهما، فقال آدم: ما أمر الله إلاّ بهذا يا بنيّ؛ ولا يحلّ لك. فأبى أن يقبل؛ وقال: إنّ الله لم يأمر بهذا وإنّما هو من رأيك. فقال لهما: قرّبا قربانا؛ فأيّكما يقبل قربانه فهو أحقّ بها.


(١) في الجامع لأحكام القرآن: ج ٦ ص ١٢٧؛ قال القرطبي: «ذكر هذا المعنى باختلاف ألفاظ محمّد بن إسحاق والطبري ومكّي وغيرهم، وقال الكلبي: عوج من ولد هاروت وماروت حيث وقعا بالمرأة فحملت. والله أعلم».
(٢) كل ما ذكره المصنف رحمه الله في هذا المقام من الإسرائيليات التي لا يعول عليها. وفي الجامع لأحكام القرآن: ج ٦ ص ١٣٤ - ١٣٥؛ قال القرطبي: «وقد روي في هذا الباب عن جعفر الصادق ... ومثل هذا يحتاج إلى نقل صحيح يقطع العذر، وذلك معدوم. والله أعلم».

<<  <  ج: ص:  >  >>